(وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) أي وأخص من نبات كل شىء ـ الزيتون والرمان حال كون الرمان مشتبها فى بعض الصفات ، وغير مشتبه فى بعض آخر فإنها أنواع تشتبه فى شكل الورق والثمر ، وتختلف فى لون الثمر وطعمه ، فمنها الحلو والحامض والمزّ ، وكل ذلك دالّ على قدرة الصانع وحكمة المبدع جل شأنه.
(انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ) أي انظروا نظرة استبصار واعتبار إلى ثمر ما ذكر إذا أخرج ثمره ، وكيف يخرج ضئيلا لا يكاد ينتفع به ، وإلى ينعه ونضجه ، وكيف إنه يصير ضخما ذا نفع عظيم ولذة كاملة ، ثم وازنوا بين صفاته فى كل من الحالين ، يستبن لكم لطف الله وتدبيره ، وحكمته فى تقديره ، وغير ذلك مما يدل على وجوب توحيده.
(إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أي إن فى ذلكم الذي أمرتم بالنظر إليه لدلائل عظيمة على وجود القادر الحكيم ووحدانيته ، لمن هو مؤمن بالفعل ، ولمن هو مستعد للإيمان.
أما غيرهم فإن نظرهم لا يتجاوز الظواهر ولا يعدوها إلى ما تدل عليه من وجود الخالق ووحدانيته التي إليها ينتهى النظام ، فهم لا يغوصون ليصلوا إلى أسرار عالم النبات ، ولا يبحثون عن أن انتقاله من حال إلى حال على ذلك النمط البديع دال على كمال الحكمة ، وعلى أن وحدة النظام فى الأشياء المختلفة لا يمكن أن تصدر من إرادات متعددة.
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ