وقال الحسن : إنهم الشياطين فقد أطاعوهم فى أمور الشرك والمعاصي ، وقيل إبليس فقد عبده أقوام وسمّوه ربا ، ومنهم من سماه إله الشر والظلمة ، وخص الباري سبحانه بألوهية الخير والنور ، وروى عن ابن عباس أنه قال : إنها نزلت فى الزنادقة الذين يقولون إن الله تعالى خالق الناس والدواب والأنعام والحيوان ، وإبليس خالق السباع والحيات والعقارب والشر ، ورجح الرازي هذا الرأى قال : إن المراد من الزنادقة المجوس الذين قالوا إن كل خير فى العالم فهو من يزدان ، وكل شر فهو من أهر من أي إبليس.
(وَخَلَقَهُمْ) أي والحال أنه تعالى خلق الشركاء المجعولين ، كما خلق غيرهم من العالمين ، فنسبة الجميع إليه واحدة ، وامتياز بعض المخلوقين عن بعض فى صفاته وخصائصه لا يخرجه عن كونه مخلوقا ، ولا يصل به لأن يكون إلها وربا.
(وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي واختلقوا له بحمقهم وجهلهم بنين وبنات بغير علم بذلك ؛ فقد سمى مشركو العرب الملائكة بنات الله ، وقالت اليهود عزير ابن الله ، وقالت النصارى المسيح ابن الله ، وقوله بغير علم أي من غير أن يعلموا حقيقة ما قالوه من خطأ وصواب ، بل رميا بقول عن عمى وجهالة من غير فكر وروية ، ومن غير معرفة لمكانه من الشناعة والازدراء بمقام الألوهية.
(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) أي تنزه ربنا وتعالى عن كل نقص ينافى انفراده بالخلق والتدبير ، إذ ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خالقهما ومبدعهما ، فهو الخالق المخترع لا على مثال سابق.
(أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ؟) أي كيف يكون له ولد والحال أنه لم يكن له زوج ينشأ الولد من ازدواجه بها ، والولد لا يوجد إلا كذلك ، ولكن جميع الكائنات السماوية والأرضية صدرت عنه تعالى صدور إبداع وإيجاد من العدم لأصولها الأولى ، وصدور تسبب كالتوالد ونحوه بحسب سننه فى الخلق.