الكتاب والعلم يدرسه درسا ودراسة ومدارسة أي ذلله بكثرة القراءة حتى خف حفظه عليه من ذلك ، والمعنى العام للدرس تكرار المعالجة ، وتتابع الفعل على الشيء حتى يذهب به أو يضل إلى الغاية منه.
المعنى الجملي
بعد أن أقام الأدلة والبراهين الواضحة على توحيده وكمال قدرته وعلمه ـ عاد هنا إلى تقرير أمر الدعوة والرسالة ، وتبليغ النبي صلّى الله عليه وسلم أوامر ربه ، ومدى تلك الأوامر من الهداية والإرشاد ، وما يقوله المشركون فى المبلّغ لها ، وأعلم سبحانه سنته فيهم وفى أمثالهم ، وما يجب على الرسول معهم وما ينفى عنه.
الإيضاح
(قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) أي قد جاءكم فى هذه الآيات البينات بصائر من الحجج الكونية والبراهين العقلية ، تثبت لكم عقائد الحق اليقينية التي عليها مدار سعادتكم فى دنياكم وآخرتكم ، تفضل بها عليكم ربكم الذي خلقكم وسواكم ، وربّى أجسادكم ، وأكمل مشاعركم وقواكم ، كما ربى أرواحكم ، وهذّب نفوسكم ، ومحّص بها عقولكم ، حتى تصل إلى منتهى ما تسمو إليه النفوس البشرية من الكمال.
(فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ) أي فمن أبصر بها الحق وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ، فلنفسه قدم الخير وبلغ السعادة.
(وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها) أي ومن عمى عن الحق وأعرض عن سبيله ، وأصرّ على ضلاله ، تقليدا لآبائه وأجداده ، فعلى نفسه جنى.
ونحو الآية قوله : «مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها» وقوله : «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» وقوله : «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها».