لم يكن كذلك فلا وجه للقول بتحريمه إلا إذا تحقق كونه رجسا من عمل الشيطان موقعا فى العداوة والبغضاء صادّا عن ذكر الله وعن الصلاة بأن كان من المكثرين اللعب أو ممن يداومون عليه ، والشافعي كرهه لما فيه من إضاعة الوقت بلا فائدة.
ولما بين جل اسمه علة تحريم الميسر وحكمته أكد ذلك التحريم فقال :
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) هذا أمر بالانتهاء جاء بأسلوب الاستفهام وكان ذلك غاية فى البلاغة ، فكأنه قيل : قد تلى عليكم ما فيها من أنواع الصوارف والموانع فهل أنتم مع كل هذا منتهون؟ أو أنتم على ما كنتم عليه كأن لم توعظوا ولم تزجروا.
وقد أكد الله تحريم الخمر والميسر بوجوه من التأكيد :
(١) أنه سماهما رجسا ، والرجس كلمة تدل على منتهى ما يكون من القبح والخبث ، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم «الخمر أم الخبائث».
(٢) أنه قرنها بالأنصاب والأزلام التي هى من أعمال الوثنية وخرافات الشرك ، وقد روى ابن ماجه عن أبى هريرة قوله صلى الله عليه وسلم «مدمن الخمر كعابد وثن»
(٣) أنه جعلهما من عمل الشيطان ، لما ينشأ عنهما من الشرور والطغيان وسخط الرحمن.
(٤) أنه جعل اجتنابهما سبيلا للفلاح والفوز بالنجاة.
(٥ ، ٦) أنه جعلهما مثارا للعداوة والبغضاء ، وهما من أقبح المفاسد الدنيوية التي تولد كثيرا من المعاصي فى الأموال والأعراض والأنفس.
(٧ ، ٨) أنهما جعلا صادّين عن ذكر الله وعن الصلاة ، وهما روح الدين وعماده وزاده وعتاده.
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أي وأطيعوا الله تعالى فيما أمركم به من اجتناب الخمر والميسر وغيرهما من سائر المحرمات كالأنصاب والأزلام ونحوهما ، وأطيعوا الرسول فيما بينه لكم مما نزل عليكم من نحو قوله «كل مسكر خمر وكل خمر حرام».