مقامهما من أولياء الميت الوارثين له وهذان الرجلان الوارثان ينبغى أن يكونا هما الأوليين بالميت أي الأقربين الأحقين بإرثه إن لم يمنع من ذلك مانع.
وعلى هذا فالأوليان فاعل استحق ومفعوله محذوف يقدّر بنحو قولنا ما أوصى به أو ما تركه : أي من الورثة الذين استحق الأوليان من بينهم ما أوصى به.
(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا) المراد بالشهادة اليمين كما فى قوله تعالى : «فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ» أي فيحلفان با لله لأيماننا على خيانة الشهيدين اللذين حلفا على وصية ميتهما أحق وأصدق من أيمانهما ، وأنهما ما اعتديا عليهما بتهمة باطلة.
(إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) أي ويقولان فى يمينهما إنا إذا اعتدينا الحق فحلفنا مبطلين كاذبين ـ لنكونن من الظالمين لأنفسهم بتعريضها لسخط الله وانتقامه.
ثم بين سبحانه الحكمة فى شرع هذه الشهادة وهذه الأيمان فقال :
(ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) أي ذلك الذي شرعناه من تكليف المؤتمن على الوصية أن يقوم على مرأى من الناس ويشهد بعد الصلاة ويقسم الأيمان المغلظة ، أدنى الطرق وأقربها إلى أن يؤدى الشهداء الشهادة على وجهها بلا تبديل ولا تغيير ، تعظيما لله ورهبة من عذابه ورغبة فى ثوابه أو خوفا من الفضيحة التي تعقب استحقاقهما الإثم فى الشهادة برد أيمان الورثة بعد أيمانهم تكون مبطلة لها ، إذ من لم يمنعه خوف الله وتعظيمه أن يكذب لضعف دينه يمنعه خوف الخزي والفضيحة بين الناس.
(وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أي واتقوا الله وراقبوه فى أيمانكم أن تحلفوا بها كاذبة ، وأن تخونوا من ائتمنكم ، واسمعوا ما يقال لكم وما توعظون به سمع إجابة وقبول لهذه الأحكام وغيرها ، فإن لم تتقوا كنتم فاسقين عن أمر الله مطرودين من هدايته مستحقين لعقابه.