بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣))
تفسير المفردات
الحمد : هو الثناء الحسن والذكر الجميل ، والظلمة : الحال التي يكون عليها كل مكان لا نور فيه ، والنور قسمان : حسى وهو ما يدرك بالبصر ، ومعنوى عقلى يدرك بالبصيرة ، والجعل : هو الإنشاء والإبداع كالخلق ، إلا أن الجعل مختص بالإنشاء التكويني كما فى هذه الآية ، والتشريعي كما فى قوله : «ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ» الآية ، والخلق عام.
ولم يذكر النور فى القرآن إلا مفردا والظلمة إلا جمعا ، لأن النور واحد وإن تعددت مصادره ، والظلمة تحدث مما يحجب النور من الأجسام غير النيرة وهى كثيرة ؛ وكذلك النور المعنوي شىء واحد ، والظلمات متعددة فالحق واحد لا يتعدد والباطل الذي يقابله كثير ، والهوى واحد والضلال المقابل له كثير ، فالتوحيد يقابله التعطيل ، والشرك فى الألوهية بأنواعه والشرك فى الربوبية بضروبه المختلفة.
وقدمت الظلمات فى الذكر على النور لأن جنسها مقدم فى الوجود فقد وجدت مادة الكون وكانت دخانا مظلما أو سديما كما يقول علماء الفلك ، ثم تكونت الشموس بما حدث فيها من الاشتعال لشدة الحركة ، وإلى هذا يشير حديث عبد الله