يقال لبس الثوب يلبسه (بكسر الباء فى الأول وفتحها فى الثاني) ولبس الحق بالباطل يلبسه (بفتح الباء فى الأول وكسرها فى الثاني) بمعنى ستره به ، أي جعله مكانه ليظن أنه الحق ، ولبست عليه أمره أي جعلته بحيث يلتبس عليه فلا يعرفه.
المعنى الجملي
بعد أن أرشد سبحانه فى الآيات المتقدمة إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من التوحيد والبعث ، ثم ذكر بعدها الأسباب التي دعت قريشا إلى التكذيب ، وأنذرهم عاقبة هذا التكذيب بما يحلّ بهم من عذاب الله فى الدنيا والآخرة ، وأنه لا يحول دونه ما هم فيه من قوة وضعف الرسول صلى الله عليه وتمكنهم فى مكة وهى أم القرى ، وأهلها القدوة والسادة بين العرب.
ذكر هنا شبهات أولئك الجاحدين المعاندين على الوحى وبعثة الرسول ، وبهاتم بيان أسباب جحودهم وإنكارهم لأصول الدين الثلاثة (التوحيد والبعث ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم).
روى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق سبب نزول الآية الثانية قال «دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإسلام وكلمهم فأبلغ إليهم ، فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب والنضر بن الحارث بن كلدة وعبدة بن عبد يغوث وأبيّ بن خلف والعاصي بن وائل بن هشام : لو جعل معك يا محمد ملك يحدّث عنك الناس ويرى معك ـ فأنزل الله في ذلك : ـ وقالوا لو لا أنزل عليه ملك».
ورجح بعضهم أن هذا السبب لا يصح فى هذه الآية ، لأن اقتراح المعاندين من المشركين إنزال الملك مع الرسول مذكور فى سور من القرآن أنزلت قبل هذه السورة فما فيها إنما هورد على شبهة سبقت وحكيت عنهم ، وكذلك اقتراح إنزال كتاب من السماء وإنزال القرآن جملة واحدة مذكور فى سورة الفرقان.