ذلك العالم فى أوصافه وخواصه ، مهما أكثرنا من الوصف ، فلا نصل إلى شىء مما أعده الله لهم هناك «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ، جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ».
وبعد أن بين سبحانه ما أعدّ لعباده المحسنين من عظيم الثواب جزاء صادق إيمانهم ذكر جزاء المسيئين إلى أنفسهم بالكفران والتكذيب جريا على سنة القرآن فى الجمع بين الوعد والوعيد قال :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا ، أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) الجاحم والجحيم : ما اشتد حرّه من النار أي وأما الذين جحدوا توحيد الله وأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكذبوا بآيات كتابه ، فأولئك هم أصحاب النار وسكانها المقيمون فيها لا يبرحونها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨))
المعنى الجملي
بعد أن مدح سبحانه النصارى بأنهم أقرب الناس مودة للمؤمنين وذكر من أسباب ذلك أن منهم قسيسين ورهبانا ، ظن المؤمنون أن فى هذا ترغيبا فى الرهبانية وظن الميالون للتقشف والزهد أنها منزلة تقرّ بهم إلى الله ، ولن تتحقق إلا بترك التمتع بالطيبات من الطعام واللباس والنساء ؛ إما دائما كامتناع الرهبان من الزواج ، وإما فى أوقات معينة كأنواع الصيام التي ابتدعوها ، فأزال الله هذا الظن وقطع عرق هذا الوهم بذلك النهى الصريح.
روى ابن جرير وابن أبى حاتم وابن مردويه عن ابن عباس فى قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) قال : نزلت هذه الآية فى رهط من