والثاني ثلاثة أنواع أيضا :
(١) شهادة كتبه بذلك كقوله «شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ».
(٢) ما أقامه من الآيات فى الأنفس والآفاق مما يدل على توحيده واتصافه بصفات الكمال.
(٣) ما أودعه جل شأنه فى الفطرة البشرية من الإيمان بإله واحد له صفات الكمال وببقاء النفس.
والخلاصة ـ إن شهادته تعالى هى شهادة آياته فى القرآن ، وآياته فى الأكوان ، وآياته فى العقل والوجدان ، اللذين أودعهما فى نفس الإنسان.
أخرج ابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس مرفوعا قال : «من بلغه القرآن فكأنما شافهته به» ثم قرأ : «وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ».
وأخرج ابن المنذر وابن جرير وأبو الشيخ قال : من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج أبو الشيخ عن أبيّ بن كعب قال : «أنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسارى فقال لهم : هل دعيتم إلى الإسلام؟ قالوا لا ، فخلّى سبيلهم ثم قرأ : ـ وأوحى إلىّ هذا القرآن لأنذركم به ـ ثم قال خلّوا سبيلهم حتى يأتوا مأمنهم من أجل أنهم لم يدعوا».
ثم أمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بالشهادة له بالوحدانية وبالبراءة من قولهم وشهادتهم بالشرك فقال :
(أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى؟ قُلْ لا أَشْهَدُ ، قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) بدأ الجملة بالاستفهام الدال على الإنكار والاستبعاد لما تضمنته ، ثم أمر نبيه أن يجيب بأنه لا يشهد كما يشهدون ، ثم أمره بأمر آخر : بأن يشهد بنقيض ما يزعمون وبتبرأ مما يزعمون ، فيصرح بأن الإله لا يكون إلا واحدا ، ويتبرأ مما يشركون به من الأصنام والأوثان وغيرهما.