(وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي وكلما وقعت أبصار أصحاب الأعراف على أهل النار تضرعوا إلى الله تعالى ألا يجعلهم مثلهم ، والمقصود من الآية الإنذار والتخويف ليتبصر المرء فى عاقبة أمره ، فيفوز بالثواب المقيم فى جنات النعيم.
وفى التعبير بصرف الأبصار وتحويلها إيماء إلى أنهم يوجهون أبصارهم إلى أصحاب الجنة بالقصد والرغبة ويلقون إليهم السلام ، ويكرهون رؤية أهل النار ، فإذا حوّلت أبصارهم إليهم عن غير قصد ولا رغبة ، بل بصارف يصرفهم إليها ، قالوا ربنا لا تجعلنا معهم حيث يكونون ، وفى ذلك من استعظام حال الظالمين ، واستفظاع مآلهم وشناعة أمرهم ما لا يخفى.
وعن سعيد بن جبير أن ابن مسعود رضي الله عنه قال «يحاسب الله الناس يوم القيامة ، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة ، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار ، ثم قرأ قول الله «فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ» الآيتين ، ثم قال : إن الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح. ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف ، فوقفوا على الصراط ، ثم عرض أهل الجنة وأهل النار ، فإذا نظروا إلى أهل الجنة قالوا : سلام عليكم ، وإذا صرفت أبصارهم إلى يسارهم رأوا أهل النار فقالوا (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) تعوّذوا بالله من منازلهم. قال : «فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نورا يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم ، ويعطى كل عبد يومئذ نورا وكل أمة نورا ، فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة. فلما رأى أهل الجنة ما لقى المنافقون قالوا «رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا» وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان فى أيديهم فلم ينزع من أيديهم ، فهنالك يقول الله تعالى (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) فكان الطمع دخولا».