تدل عليهم فيعرفون بها ؛ فقد روى البخاري «يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيعرفه فيشفع له ، فلا تقبل شفاعته ، ثم يمسخه الله ذئبا منتنا ليزول عن إبراهيم خزيه» فمسخه ذئبا مناسب لحماقته ونتن الشرك.
والخلاصة ـ إنهم نادوهم قائلين لهم : ما أغنى عنكم جمعكم للمال ولا استكباركم على المستضعفين والفقراء من أهل الإيمان ، إذ لم يمنع عنكم العقاب ، ولا أفادكم شيئا من الثواب.
ثم وجّه إليهم سؤال توبيخ وتأنيب بحضرة هؤلاء المستضعفين فقيل لهم :
(أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ؟) أي وقالوا لهم مع الإشارة إلى أولئك المستضعفين الذين كانوا يضطهدونهم ويعذبونهم فى الدنيا كصهيب الرومي وبلال الحبشي وآل ياسر ، والتهكم من خزيهم وفوز من كانوا يحتقرونهم : أهؤلاء الذين حلفتم فى الدنيا إن رحمة الله لن تنالهم؟ إذ لم يعطوا فى الدنيا مثل ما أعطيتم من الأتباع والأشياع وكثرة المال.
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) أي قال الله تعالى لأصحاب الأعراف بعد أن يحبسوا على الأعراف ، وينظروا إلى الفريقين ويعرفوهم بسيماهم ويقولوا ما يقولون ادخلوا الجنة لا خوف عليكم مما يكون فى مستقبل أمركم ، ولا أنتم تحزنون مما ينغّص عليكم حاضركم.
وفائدة هذه المقالة بيان أن الجزاء على قدر الأعمال ، وأن أحدا لا يسبق عند الله إلا بسبقه فى العمل ، ولا يتخلف عنده إلا بتخلفه فيه ، وليرغب السامعون فى حال السابقين ، وليعرفوا أن كل أحد يعرف فى ذلك اليوم بسيماه التي يوسم بها ، سواء أكان من أهل الخير أم من أهل الشر ، فيزيد المحسن فى إحسانه ويرتدع المسيء عن إساءته ، وليعلموا أن العصاة يوبخهم كل أحد حتى أقل الناس عملا.