حال كون الطلب حثيثا أي بسرعة ، المراد أنه يعقبه سريعا كالطالب له لا يفصل بينهما شىء.
ويظهر ذلك الطلب السريع أتم الظهور بما أثبته العلم حديثا من كروية الأرض وأنها تدور على محورها حول الشمس ، فيكون نصفها مضيئا بنورها دائما ونصفها الآخر مظلما دائما ، وقد قال بهذا القول كثير من علماء الإسلام كالغزالى والرازي وابن تيمية وابن القيّم وغيرهم.
وهذه الجملة كالدليل على ما قبلها ، فإنه بعد أن أخبر عباده باستوائه على العرش وتدبيره لجميع المخلوقات ـ أراهم ذلك عيانا فيما يشاهدونه منها ليضم العيان إلى الخبر وتزول الشبه ـ إلى ما فى تعاقب الليل والنهار من المنافع العظيمة والفوائد الجليلة ، إذ بتعاقبهما الحياة وتكمل المنفعة والمصلحة.
(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) أي وخلق هذه الأشياء حال كونها مذللات خاضعات لتصرفه منقادات لحكمه.
(أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) أي ألا إن الله الخلق ، فهو الخالق المالك لذوات المخلوقات وله فيها الأمر أي التصرف والتدبير ، إذ هو المالك لها لا شريك له فى ملكه.
ومن هذا التدبير ما سخر له الملائكة من نظام العالم وتنفيذ سننه فى خلقه ، كما جاء فى قوله : «فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً» ومن ذلك الوحى الذي ينزل به الملائكة على الرسل كما جاء فى قوله : «اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ»
وفى معنى الآية قوله : «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ» وقوله : «فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ» وقوله : «لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ» وجاءت هذه الجملة توكيدا لما قبلها لبيان أنه هو الذي خلق السموات والأرض وهو الذي دبرهما وصرفهما بحسب إرادته.