من شوائب المكر ، والذكر : الموعظة ، وعلى رجل أي على لسانه ، منكم أي من جنسكم ، والفلك : السفينة ، وعمين واحدهم عم : وهو ذو العمى ، أو هو خاص بعمى القلب والبصيرة ، والأعمى أعمى البصر كما قال زهير :
وأعلم علم اليوم والأمس قبله |
|
ولكننى عن علم ما فى غد عمى |
المعنى الجملي
بعد أن ذكر ـ عظمت آلاؤه ـ الإنسان ومعاده وأن مردّه إلى الله فى يوم تجازى فيه كل نفس بما كسبت ـ قفّى على ذلك بذكر قصص الأنبياء مع أممهم وإعراضهم عن دعوتهم ، ليبين للرسول أن الإعراض عن قبول دعوة الأنبياء ليس ببدع فى قومك ، بل سبق به أقوام كثيرون ، وفى ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم ـ إلى ما فيه من التنبيه إلى أن الله لا يهمل أمر المبطلين ، بل يمهلهم ، وتكون العاقبة للمتقين ، ومن العظة والاعتبار بما حل بمن قبلهم من النكال والوبال كما قال «لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ».
الإيضاح
(لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) أقسم ربنا جل ثناؤه للمخاطبين بهذه الآية من أهل مكة ومن جاورهم من العرب بأنه سبحانه أرسل نوحا إلى قومه منذرا لهم بأسه ، ومخوّفهم سخطه ، على عبادتهم غيره ، وقد كانوا ينكرون الرسالة والوحى ، إذ ليس عندهم من علوم الرسل والأمم شىء إلا ما يتلقونه من اليهود والنصارى فى بلاد العرب والشام.
ونوح أول رسول أرسله الله إلى قومه المشركين كما هو رأى كثير من المحققين كما ثبت فى حديث الشفاعة وغيره.
(فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) أي فدعا من كفر منهم إلى عبادة