(أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي) أي أرسلنى إليكم لأبلغكم ما طلب إلى تبليغه من التوحيد والإيمان واليوم الآخر والوحى والرسالة والملائكة والجنة والنار والآداب والمواعظ والأحكام العامة من عبادات ومعاملات إلى نحو ذلك.
(وَأَنْصَحُ لَكُمْ) بتحذيركم عقاب الله على كفركم به وتكذيبكم لى وردكم نصحى.
روى مسلم وأبو داود والنسائي عن تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول؟ قال : لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم».
(وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) أي وأنا فى هذا التبليغ وذلك النصح على علم من الله أوحاه إلىّ لا تعلمون منه شيئا ، كما أنى أعلم من الله وشئونه ما لا تعلمون فى نظام هذا العالم وما ينتهى إليه ، كما أعلم ما بعده من أمر الآخرة والحساب والجزاء ـ فإذا نصحت لكم وأنذرتكم عاقبة شرككم من إنزال العذاب بكم فى الدنيا إذا جحدتم وعاندتم ، فإنما أنصح لكم عن علم يقينى لا تعلمونه.
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أي أكذبتم وعجبتم من أن جاءكم ذكر وموعظة من ربكم على لسان رجل منكم ، ليحذّركم عاقبة كفركم ويعلمكم بما أعدّ لكم من العذاب على ذلك ولتتقوا بهذا الإنذار ما يسخط ربكم عليكم بالشرك فى عبادته ، والإفساد فى أرضه ، وليعدّكم بالتقوى لرحمته التي ترجى لكل من أجاب الدعوة واتقى.
وفى قوله : على رجل منكم ، بيان لشبهتهم على الرسالة وهى أن الرسول بشر مثلهم ، فكأنهم كانوا يرون أن الاشتراك فى البشرية والصفات العامة يقتضى التساوي فى جميع الخصائص والمزايا ويمنع الانفراد بشىء منها ، والمشاهدة أكبر برهان على بطلان هذه القضية ، فالتفاوت فى الغرائز والصفات الفاضلة والاختلاف فى القوى العقلية والمعارف والأعمال الكسبية ـ جدّ عظيم فى البشر ، وليس فى الأنواع الأخرى ما يشبه الإنسان فى ذلك ـ إلى أنه لو فرض التساوي بينهم ، فهل هذا يمنع أن يختص الله