لعلكم تفوزون بما أعده للشاكرين لنعمه ، الراجين للمزيد منها ، وتدركون الخلود والبقاء والنعيم الأبدى فى دار القرار.
ثم ذكر ما ردوا به عليه فقال :
(قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) يقال : جاء يعلم الناس كيف يحاربون ، وذهب يقيم قواعد العمران ، على معنى شرع يفعل ذلك.
والمعنى ـ أجئتنا لأجل أن نعبد الله وحده ، ونترك ما كان يعبد آباؤنا معه من الأولياء والشفعاء وهم الوسيلة عنده ، وهم الذين يقربوننا إليه زلفى ، وهل يقبل الله عبادتنا مع ذنوبنا إلا بهم ولأجلهم.
وبعد أن استنكروا التوحيد واحتجوا عليه بما لا يصلح عقلا ولا شرعا أن يكون حجة من تقليد الآباء والأجداد استعملوا الوعيد فقالوا :
(فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) أي فجئنا بما تعدنا به من العذاب على ترك الإيمان بك ، والعمل بما جئت به من التوحيد ، وإخلاص العبادة لله وحده ـ إن كنت صادقا فى قولك ووعيدك.
فأجابهم هود على مقالتهم بقوله :
(قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ) أي قال هود لقومه : قد قضى عليكم ربكم مالك أمركم بعذاب وطرد من رحمته ، وقد كان عذابهم ريحا صرصرا ذات صوت شديد عاتية تنزع الناس من الأرض ثم ترميهم بها صرعى «كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ» أي قد قلع من منابته ، وزال من أماكنه.
(أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ؟) أي أتخاصمونني فى أسماء وضعتموها أنتم وآباؤكم الذين قلدتموهم على غير علم ولا هدى منكم ولا منهم لمسميات اتخذوها فاتخذتموها آلهة زاعمين أنها تقربكم إلى الله زلفى وتشفع عنده لكم ، ما أنزل الله من حجة ولا برهان يصدق زعمكم بأنه رضى أن تكون واسطة بينه