وقيل الظاهر ما تعلق بأعمال الجوارح ، والباطن ما تعلق بأعمال القلوب كالكبر والحسد والتفكير فى تدبير المكايد الضارة وأنواع الشرور والمآثم.
وقد روى عن ابن عباس فى تفسير الآية أنه قال : كانوا فى الجاهلية لا يرون بأسا بالزنا فى السر ويستقبحونه فى العلانية ، فحرم الله الزنا فى السر والعلانية ، أي فى هذه الآية وما أشبهها.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال : ما ظهر منها ظلم الناس ، وما بطن منها الزنا والسرقة ، أي لأن الناس يأتونهما فى الخفاء. وروى عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا أحد أغير من الله» من أجل ذلك حرم الفواحش : ما ظهر منها وما بطن» رواه البخاري ومسلم.
(٥) (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) أي ولا تقتلوا النفس التي حرم الله قتلها بالإسلام أو بالعهد بين المسلمين وغيرهم كأهل الكتاب المقيمين بيننا بعهد وأمان ، وقد جاء فى الحديث : «لهم ما لنا وعليهم ما علينا» وروى الترمذي قوله صلى الله عليه وسلم : «من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر بذمة الله ، فلا يرح رائحة الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسين خريفا».
وقوله إلا بالحق إيماء إلى أن قتل النفس قد يكون حقا لجرم يصدر منها كما جاء فى الحديث : «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأمور ثلاثة : كفر بعد إيمان ، وزنا بعد إحصان ، وقتل نفس بغير حق».
والخلاصة ـ إن قتلها بالحق هو أمر الشارع بإباحة قتلها كقتل القاتل عمدا أو قتل الزاني المحصن.
(ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الوصية أن يعهد إلى إنسان بعمل خير أو ترك شر ، ويقرن ذلك بوعظ يرجى تأثيره ؛ أي إنه سبحانه وصاكم بذلك ليعدّكم لأن تعقلوا الخير والمنفعة فى فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه ، إذ هو مما تدركه العقول بأدنى تأمل.