(د) ما عاهد الناس عليه بعضهم بعضا كما قال فى وصف المؤمنين : «وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا».
فمن آمن برسل من رسله فقد عاهد الله حين الإيمان به أن يمتثل أمره ونهيه ، وما شرعه للناس ووصاهم به فهو مما عهده إليهم ، وما التزمه الإنسان من عمل البر بنذر أو يمين فهو عهد عاهد عليه ربه كما قال تعالى ناعيا على المنافقين سوء فعلهم : «وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ» الآية ، وكذلك من عاهد السلطان وبايعه على الطاعة فى المعروف ، أو عاهد غيره على القيام بعمل مشروع ، وجب عليه الوفاء إذا لم يكن من قبيل المعصية.
روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منها كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر».
(ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) التذكر يطلق حينا على تكلف ذكر الشيء فى القلب أو التدرج فيه بفعله المرة إثر الأخرى ، وحينا على الاتعاظ والتدبر كما قال تعالى : «وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ» وقال : «سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى».
والخلاصة ـ إن ذلك الذي تلوته عليكم من الأوامر والنواهي وصاكم الله به رجاء أن يذكره بعضكم لبعض فى التعليم والتواصي الذي أمر الله به فى مثل قوله : «وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ» لما فيه من مصالح ومنافع كتدارك النسيان والغفلة من كثرة الشواغل الدنيوية ، أو رجاء أن يتعظ به من سمعه أو قرأه.
(١٠) (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) أي وإن هذا القرآن الذي أدعوكم إليه وأدعوكم به إلى ما يحييكم ، هو صراطى ومنهاجى