مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧))
المعنى الجملي
بعد أن ذكر الحجج العقلية على أصول هذا الدين ودحض شبهات المعاندين ، وقفى على ذلك بذكر الوصايا العشر فى الآيات الثلاث التي قبل هذه الآيات.
نبه هنا إلى مكانة القرآن من الهداية وإلى وجوب اتباعه ، وذكر أعذار المشركين بما يعلمون أنها لا تصلح لهم عذرا عند الله ، وافتتح هذا التنبيه والتذكير بذكر ما يشبه القرآن فى التشريع ويسير على نهجه فى الهداية ، وهو كتاب موسى عليه السلام الذي اشتهر عند مشركى العرب وعرفوا بالسماع خبره.
الإيضاح
(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) فى الكلام تقدير لفظ (قل) أي قل أيها الرسول لهؤلاء الناس : تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ووصاكم به وهو كذا وكذا ـ ثم قل لهم وأعلمهم أننا آتينا موسى الكتاب ... إلى آخره.
وقد تكرر فى الكتاب الكريم قرنه بالتوراة لما بينهما من التشابه ، فكل منهما شريعة كاملة ، والإنجيل والزبور ليسا كذلك ، فإن أكثر الإنجيل عظات وأمثال ، وأكثر الزبور ثناء ومناجاة ـ إلى أن العرب كانوا يعلمون أن اليهود لهم كتاب يسمى التوراة ، ولهم رسول يسمى موسى ، وأنهم أهل علم ، وكان يتمنى كثير من عقلائهم لو أتيح لهم كتاب كما أوتى اليهود التوراة ، وأنه لو جاءهم كتاب لكانوا أهدى منهم ، وأعظم انتفاعا به ، لما يمتازون به من الذكاء وحصافة العقل ورجاحة الرأى.