(وَهُدىً وَرَحْمَةً) أي ودليلا من دلائل الهداية إلى الحق ، وسببا من أسباب الرحمة لمن اهتدى به ، فينجيه الله من الضلال ، وعمى الحيرة.
(لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) أي آتيناه الكتاب جامعا لكل ما ذكر ، ليجعل قومه محل رجاء للإيمان بالله تعالى ، وموضع الفوز فى دار الكرامة ، تلك الدار التي أعدها الله لمن اهتدى بوحيه.
وبعد أن وصف التوراة بتلك الصفات وصف القرآن الكريم فقال :
(وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) أي وهذا القرآن الذي تليت عليكم أوامره ونواهيه ـ كتاب عظيم شأنه ، أنزلناه بواسطة الروح الأمين ، كما أنزلنا الكتاب على موسى ، وهو مبارك أي كثير الخير دينا ودنيا ، جامع لأسباب الهداية الدائمة ، وقد جاء بأكثر مما فى كتاب موسى من تفصيل لهدى البشر فى معاشهم ومعادهم.
(فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) أي فاتبعوا ما هداكم إليه ، واتقوا ما نهاكم عنه ، وحذركموه ، لتكون رحمته مرجوّة لكم فى الدنيا والآخرة.
(أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) الدراسة : القراءة والعلم كما جاء فى قوله : «ودرسوا ما فيه» أي علموا ما فيه ولم يأتوه بجهالة.
أي أنزلنا إليك الكتاب المرشد إلى توحيد الله ، وطريق طاعته ، وتزكية النفوس من أدران الشرك ، لئلا تقولوا يوم الحساب والجزاء معتذرين عن شرككم وإجرامكم : إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ، وهما اليهود والنصارى ، وقد كنا عن تلاوتهم للكتاب الذي أنزل عليهم غافلين ، لا ندرى ما هى لعدم فهمنا ما يقولون لأنها بلسان غير لساننا ، ولأنهم أهله دوننا ، ولأنا لم نؤمر بما فيه ، ولغلبة الأمية علينا.
(أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) أي ولئلا تقولوا : لو أنا أنزل علينا الكتاب كما أنزل على هاتين الطائفتين قبلنا ، فأمرنا بما فيه ونهينا