والخلاصة ـ إن العشرة تعطى لكل من أتى بالحسنة ، والمضاعفة فوقها تختلف بحسب مشيئته تعالى بما يعلم من أحوال المحسنين ، فمن بذل الدرهم ونفسه كئيبة على فقده ، لا تكون حاله كمن يبذله طيّبة به نفسه ، مسرورة بتوفيق الله على عمل الخير ونيل ثواب الآخرة.
(وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) أي ومن جاء بالخصلة السيئة وعليها طابع الكفر ، تكنفها الفواحش والمنكرات ، فلا يجزى إلا عقوبة سيئة مثلها بحسب سننه تعالى فى تأثير الأعمال السيئة فى إفساد النفس وتدسيتها.
(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) الظلم النقص من الشيء كما جاء فى قوله تعالى : «كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً» أي إن كلا الفريقين فاعلى الحسنات والسيئات لا يظلم يوم الجزاء ؛ لا من الله ؛ لأنه منزّه عن الظلم عقلا ونقلا فقد روى مسلم من حديث أبى ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال : «يا عبادى ، إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا» الحديث ، ولا من غيره إذ لا سلطان لأحد من خلقه ولا كسب فى ذلك اليوم يمكنه من الظلم كما يفعل الأقوياء الأشرار فى الدنيا بالضعفاء ، وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال : «إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات ، فمن همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ، فإن هو همّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة. ومن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ، فإن هو همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة».
والمراد من كتابة الله لها أمره الملائكة بكتابتها كما ورد فى حديث أبي هريرة مرفوعا قال : «يقول الله : إذا أراد عبدى أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها ، فإن عملها فاكتبوها عليه بمثلها ، وإن تركها من أجلى فاكتبوها له حسنة ، وإن أراد