وجاء فى معنى الآية قوله : «وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» وقوله : «إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» وقوله : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ».
(إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) أي إنه تعالى سريع العقاب لمن كفر به أو كفر بنبيه وخالف شرعه وتنكّب عن سنته ، وهذا العقاب السريع شامل لما يكون فى الدنيا من الضرر فى النفس أو العقل أو العرض أو المال أو غير ذلك من الشئون الاجتماعية ، وهذا مطرد فى الدنيا فى ذنوب الأمم ، وأكثرىّ فى ذنوب الأفراد ، ومطرد فى الآخرة بتدسية النفس وتدنيسها.
وهو سبحانه على سرعة عقابه وشديد عذابه للمشركين ، غفور للتوابين رحيم بالمؤمنين المحسنين ، إذ سبقت رحمته غضبه ، ووسعت كل شىء ، ومن ثم جعل جزاء الحسنة عشر أمثالها ، وقد يضاعفها بعد ذلك أضعافا كثيرة لمن يشاء ، كما جعل جزاء السيئة سيئة مثلها ، وقد يغفرها لمن تاب منها كما قال : «وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ».
نسأله تعالى أن يغفر لنا خطيئاتنا ويستر زلاتنا بمنه وكرمه ، إنه نعم المولى ونعم النصير.
خلاصة ما اشتملت عليه السورة من العقائد والأحكام
(١) العقائد وأدلتها بالأسلوب الجامع بين الإقناع والتأثير كبيان صفات الله بذكر أفعاله وسننه فى الخلق وآياته فى الأنفس والآفاق ، وتأثير العقائد فى الأعمال ، مع إيراد الحقائق بطريق المناظرة والجدل ، أو ورودها جوابا بعد سؤال وفى أثناء ذلك يرد شبهات المشركين ويهدم هياكل الشرك ويقوّض أركانه.
(٢) الرسالة والوحى وتفنيد شبهات المشركين على الرسول صلى الله عليه وسلم وإلزامهم الحجة بآية الله الكبرى ، وهى القرآن المشتمل على الأدلة العقلية والبراهين