والمقاومة والطعن والإعراض ، وتلك أمور توجب ضيق الصدر كما قال فى سورة الحجر : «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ» وقال فى سورة النحل : «وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ ، وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ، وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ» وقال فى سورة هود : «فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ، إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ».
ويراد بالنهى عن مثل هذا الأمر الطبيعي ـ الاجتهاد فى مقاومته والتسلي عنه بوعد الله ، والتأسى بمن سبقه من الرسل أولى العزم صلوات الله عليهم أجمعين.
(لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) والمراد بالمؤمنين هنا من كتب الله لهم الإيمان ، سواء أكانوا مؤمنين حين نزول هذه السورة أم لا.
والخلاصة ـ إنه أنزل إليك الكتاب لتنذر به قومك وسائر الناس ، وتذكر به أهل الإيمان ذكرى نافعة مؤثرة.
(اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) أي قل لهم أيها الرسول : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم وخالقكم ومدبر أموركم ، فهو وحده الذي له الحق فى شرع الدين لكم وفرض العبادات عليكم ، وتحليل ما ينفعكم وتحريم ما يضركم ، إذ هو العليم بما فيه الفائدة أو الضر لكم.
(وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي ولا تتخذوا من أنفسكم ولا من الشياطين الذين يوسوسون لكم ـ أولياء تولونهم أموركم وتطيعونهم فيما يرومون منكم من ضلال التقاليد والابتداع فى الدين ، فيضعوا لكم أحكام الحرام والحلال زاعمين أنهم أعلم منكم ، فيجب عليكم تقليدهم ، ولا أولياء ينجونكم من الجزاء على ذنوبكم وجلب النفع لكم أو رفع الضر عنكم ، زاعمين أنهم يقربونكم إلى الله زلفى ، أو يشفعون لكم عنده فى الآخرة.