وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا» إلخ وقوله فى سورة المائدة : «ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ».
(قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) أي قل لهم إن حق التحريم والتحليل لا يكون إلا لله ، فهل الله هو الذي أذن لكم بذلك بوحي من عنده؟ أم أنتم على الله تفترون بزعمكم أنه حرم ما حرمتم وحلّل ما حلّلتم.
والخلاصة ـ إنه لا مندوحة لكم من الاعتراف بأحد الأمرين ، إما دعوى الإذن من الله لكم بالتحريم والتحليل ، وذلك اعتراف بالوحى ، وأنتم تنكرونه وتزعمون أنه محال ، وإما الافتراء على الله وهو الذي يلزمكم إذا أنكرتم الأول.
وبعد أن سجل سبحانه وتعالى عليهم جريمة افتراء الكذب على الله ، قفى عليه بالوعيد مع الإيماء إلى ما يكون من سوء حالهم وشدة عقابهم يوم القيامة فقال :
(وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي أىّ شىء ظنهم فى ذلك اليوم الذي تجزى فيه كل نفس ما عملت؟ أيظنون أنهم يتركون بلا عقاب على جريمة افتراء الكذب على الله وتعمده فيما هو خاص بربوبيته ونزاع له فيها وشرك به كما قال : «أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ» وقال : «وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ».
(إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) أي إن الله ذو فضل على الناس فى كل ما خلقه لهم من الرزق ، وكل ما شرع لهم من الدين ، ومن ذلك أن جعل الأصل فيما أنزله إليهم من الرزق الإباحة ، وأن جعل حق التحريم والتحليل له وحده كيلا يتحكم فيهم أمثالهم من عباده كمن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، وهو سبحانه لم يحرم عليهم إلا ما كان ضارّا بهم ، وحصر محرمات الطعام فى أمور معينة.