(وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) أي يتقبلها ويثيب عليها ويضاعف ثوابها كما وعد بذلك فى قوله : «إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ».
(وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) أي إنه تعالى هو الذي يقبل التوبة إثر التوبة من المذنبين الذين ينيبون إلى ربهم ، وأنه هو الرحيم بالتائبين الذي يثيبهم على ما قدموا من عمل ، ويمنعهم الخوف أن يصرّوا على ذنب كما قال تعالى فى وصف المتقين «وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ» وجاء فى الحديث «ما أصرّ من استغفر وإن عاد فى اليوم سبعين مرة» رواه الترمذي ، وروى الشيخان عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما تصدق أحدكم بصدقة من كسب حلال طيب ـ ولا يقبل الله إلا الطيب ـ إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة ، فتربو فى كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربىّ أحدكم فلوّه أو فصيله» والحديث تمثيل لحال الصدقة المقبولة عند الله.
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) أي وقل لهم أيها الرسول اعملوا لدنياكم وآخرتكم ، لأنفسكم وأمتكم ، فالعمل هو مناط السعادة ، لا الاعتذار عن التقصير ولا دعوى الجدّ والتشمير ، وسيرى الله عملكم خيرا كان أو شرا ، فيجب عليكم أن تراقبوه فى أعمالكم وتتذكروا أنه عليم بمقاصدكم ونياتكم ، فجدير بمن يؤمن به أن يتقيه فى السر والعلن ويقف عند حدود شرعه ، وسيراه رسوله والمؤمنون ويزنونه بميزان الإيمان الذي يفرق بين الإخلاص والنفاق ، وهم شهداء على الناس.
روى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لو أن أحدكم يعمل فى صخرة صماء ليس لها باب ولا كوّة لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان».
وفى الآية إيماء إلى أن مرضاة جماعة المؤمنين القائمين بحقوق الإيمان تلى مرضاة الله ورسوله ، وفى حديث أنس رضى الله عنه قال : «مرّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرا