وكذلك فى الدنيا لا يخافون مما يخاف منه غيرهم من الكفار وضعفاء الإيمان وعبيد الدنيا من مكروه يتوقع كما قال تعالى : «فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».
(الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) التقوى ـ هى اتقاء كل ما لا يرضى الله من ترك واجب وفعل محرم ، واتقاء مخالفة سنن الله تعالى فى خلقه من أسباب الصحة والقوة والنصر والعزة وسيادة الأمة ، أي أولياء الله الذين جمعوا بين الإيمان الصحيح بالله وملائكته وكتبه ، وملكة التقوي له عز وجل وما تقتضيه من عمل.
(لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) أي لهم البشرى فى الحياة الدنيا بالنصر وحسن العاقبة فى كل أمر ـ وباستخلافهم فى الأرض ما أقاموا شرع الله وسننه ونصروا دينه وأعلوا كلمته ، وبإلهام الحق والخير كما ورد من حديث ابن مسعود مرفوعا عند الترمذي والنسائي «إن للشيطان لمّة بابن آدم وللملك لمّة ؛ فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ؛ وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله ، فليحمد الله تعالى ، ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان» وفى الآخرة بما أشارت إليه الآية الكريمة : «إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ، وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ».
(لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) أي لا تغيير ولا خلف فى مواعيده تعالى ، ومن جملتها بشارة المؤمنين المتقين بجنات النعيم والخير العميم.
(ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي ذلك الذي ذكر من البشرى بسعادة الدارين هو الفوز الذي ليس بعده فوز ، لأنه ثمرة الإيمان الحق والتقوى فى حقوق الله وحقوق الخلق.