ونهلّ لهم عند ذبح القرابين بذكر أسمائهم وبدعائهم والاستغاثة بهم ، لأنهم يشفعون لنا عند الله ويقربوننا إليه زلفى ويدفعون بجاههم عنا البلاء ويعطوننا ما نطلب من النعماء.
وقد روى عكرمة أن النضر بن الحارث قال : إذا كان يوم القيامة شفعت لى اللات والعزّى.
فأساس عقيدة الشرك أن جميع ما يطلب من الله لا بد أن يكون بوساطة المقربين عنده ، إذ هم لا يمكنهم التقرب من الله والحظوة عنده بأنفسهم لأنها مدنّسة بالمعاصي ـ أما الموحدون فيعتقدون أنه يجب على العاصي أن يتوجه إلى الله وحده تائبا إليه طالبا مغفرته ورحمته.
(قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) أي قل لهم أيها الرسول مبينا لهم كذبهم ومنكرا عليهم افتراءهم على ربهم : أتخبرون الله بشىء لا يعلمه من أمر هؤلاء الشفعاء فى السموات من ملائكته وفى الأرض من خواص خلقه ، ولو كان له شفعاء يشفعون لكم عنده لكان أعلم بهم منكم ، إذ لا يخفى عليه شى فى الأرض ولا فى السماء ، فإذا هؤلاء لا وجود لهم عنده ، وأنكم قد اتخذتم ذلك قياسا على ما ترونه من الوساطة عند الملوك الجاهلين بأمور رعيتهم والعاجزين عن تنفيذ مشيئتهم فيهم ، بدون وساطة الوزراء وذوى المكانة فيهم.
وبهذا ثبت بطلان الشرك فى الألوهية وهو عبادة غير الله مهما يكن المعبود ، وبطلان الشرك فى الربوبية بادعاء وساطة المعبود فى الخلق والتدبير ، أو الشفاعة عند الله إذ ليس لمعبود بذاته ولا بتأثير خاص له عند خالقه يحمله على نفع من شاء ولا ضر من شاء أو كشف ضر عنه كما يعتقده عباد الأولياء من البشر إلى اليوم ، فكل ذلك للرب وحده ولا يعلم إلا بوحيه ، فادعاء ذلك لغيره كذب لا مستند له.
وفى هذا حجة أيّما حجة على زوار الأضرحة والقبور الذين يقولون : إن هؤلاء