مذلّل للسالكين ، يحمل سفنهم ويجرى بها برفق بتسخير القدير العليم الذي لا إله غيره ولا رب سواه «وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ» إنه يريكم كل هذه الآيات ثم أنتم تشركون.
(وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) تغنى : تنفع وتفيد ، والنذر واحدها نذير ، أي إن الآيات الكونية على ظهور دلالتها ، والرسل على بلاغة حجتها ، لا تجدى نفعا لقوم لا يتوقع إيمانهم ، لأنهم لم يوجهوا أنظارهم إلى الاعتبار بالآيات والاستدلال بها على ما تدل عليه من وحدانية الله وقدرته. والاعتبار بسننه فى خلقه والاستفادة منها فيما يزكّى النفس ويرفعها عن الأرجاس والأدناس.
(فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ) يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم محذّرا مشركى قومه من حلول عاجل نقمة ربهم بهم وقد حل بمن قبلهم من سائر الأمم الخالية التي سلكت فى تكذيب رسله وجحودهم مسلكهم : هل ينتظر هؤلاء المشركون المكذبون بما جئتهم به من عند الله تعالى إلا يوما يعاينون فيه من عذاب الله مثل أيام أسلافهم الذين كانوا على مثل ما هم عليه من الشرك والتكذيب.
والخلاصة ـ إنهم لا ينتظروا إلا مثل وقائعهم مع رسلهم مما بلغهم مبدؤه وغايته.
(قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) أي قل لهم منذرا مهدّدا : انتظروا عقاب الله ونزول سخطه بكم ، إنى من المنتظرين هلاككم بالعقوبة التي تحل بكم ، وإنى على بينة بما وعد الله به وصدق وعده للمرسلين ، وإن الذين يصرّون على الجحود والعناد سيكونون من الهالكين.
(ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا) أي إن سنتنا فى رسلنا مع أقوامهم الذين يبلغونهم الدعوة ، ويقيمون عليهم الحجة ، وينذرونهم سوء عاقبة التكذيب ، فيؤمن بعض ويصر آخرون على الكفر ـ أن نهلك المكذبين وننجى رسلنا والذين آمنوا بهم.