الإيضاح
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) أي قل لهم أيها الرسول مخاطبا جميع الناس ، من حضر منهم فسمع هذه الدعوة منك ومن ستبلغه عنك. قد جاءكم الحق المبيّن لحقيقة هذا الدين ، وقد أوحى به إلى رجل منكم ، وكان خفيا عنكم بما جهل من دعوة الرسل السالفين أو حرّف وبدل ، ففصّله هذا الكتاب العربي المبين.
(فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) أي فمن سلك سبيل الحق وصدّق بما جاء من عند الله فى كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فإنما فائدة ذلك عائدة إليه ، لأنه يفوز بالسعادة فى دنياه ودينه ، وذلك إنما يكون بعمله لا بعمل غيره ، ولا بتأثيره بشفاعته أو وساطته.
(وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) أي ومن اعوجّ عن الحق الذي أتاه من عند الله وأعرض عن كتابه وعن آياته فى الأنفس والآفاق ، فإنما وبال ضلاله على نفسه ، بما يفوته من فوائد الاهتداء فى الدنيا ، وما يصيبه من العذاب على كفره وجرائمه فى الآخرة (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) أي وما أنا بموكّل من عند الله بأموركم ، ولا بمسيطر عليكم ، فأكرهكم على الإيمان ، وأمنعكم بقوتي من الكفر والعصيان ، ولا أملك لكم ضرا ولا نفعا ، وما أنا إلا رسول مبلغ إليكم أمر ربكم ، بشير لمن اهتدى ، ونذير لمن ضل وغوى ، وقد أعذر من أنذر.
(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ) أي واتبع أيها الرسول وحي الله الذي أنزله إليك فى كتابه ، واعمل به وعلّمه أمتك ، واصبر على ما يصيبك من الأذى والمكاره وعلى ما ينالك من قومك ، حتى يقضى الله بينك وبين المكذبين لك ، وينجز لك ما وعدك.