فيما نحن فيه هو تعقّل النفس ولا ريب أنّها تعقل غير ما اجتمع عندها من العلوم وتزيد معقولاتها عليها على مرّ آنفا من أنّ الكلام في كمالاتها الثانية القابلة للازدياد والانتقاص. ولكنّ للسيّد السند على بعض النسخ المخطوطة عندنا من شرح المحقق الطوسى على الإشارات تعليقة شريفة في المقام هكذا :
قوله فغير ما نحن فيه؛ لأنّ الكلام ليس في أنّ حصول الكمالات الثانية وزيادتها من أين ، بل إنّما الكلام في كون تلك الكمالات القابلة للزيادة والنقصان للنفس من دون الآلات وزيادتها بحسب الفاعل وجودته بأمور ثلاثة وإلى هذا أشار بقوله على ما مرّ أى في هذه التبصرة عند ما قال إنّ جودة الفاعل تكون لأحد أمور ثلاثة : إمّا التمرن أو التجربة أو ازدياد الآلة قوّة. أي الذي ذكره الإمام يرجع إلى الأمرين الأولين لا إلى الأخير الذي به فرقنا بين القوّة العاقلة والقوة (ص ١٥٠ نسخه اصلى) النفسانية. وبالجملة أنّ كلامنا فيما يكون جودة الإدراك بواسطة جودة الآلات ، فلو كان الإدراك بها اختلّ التعقل باختلال الآلة. انتهت التعليقة.
قوله : «فهي بهذا الاعتبار» أى الإقناعيات بهذا الاعتبار إلخ.
ولا يخفى عليك أنّ الحجة المنقولة من الإشارات أعمّ شمولا من البرهان الثامن المنقول من الشفاء أوّلا ، فإن نظر ما في الشفاء هو سنوح ضعف القوى البدنية بعد منتهى النشو والوقوف عند الشيخوخة؛ وأمّا نظر ما في الإشارات فهو كلال الآلات مطلقا ، إلّا أنّ المحقق الطوسى في شرحه على الإشارات ساق البحث أيضا إلى سنّ الانحطاط والشيخوخة تمثيلا لظهوره من حيث وضعه الطبيعى قال عزّ من قائل : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) وملاك ما في الشفاء والبرهان وتقريره واحد.
والحكيم الرياضى الإلهي أبو العباس فضل بن محمّد اللوكري كان من أعاظم تلامذة بهمنيار ، وأستاذ عدة من الأعاظم ، كأنّه في هذين البيتين ناظر إلى هذا البرهان :
الجسم يبلى إذا طال الزمان به |
|
والنفس تبقى وهذى غاية الناس |
لا تيأسنّ من النفس التي بقيت |
|
إن كنت عن جسمك الفانى على يأس |