ى) برهان آخر على تجرّد النفس الناطقة تجرّدا تامّا عقليّا :
هذا هو البرهان الثانى من نفس الشفاء في أنّ قوام النفس الناطقة غير منطبع في مادة جسمانية.
ثمّ قال الشيخ :
ولنا أن نبرهن على هذا ببرهان آخر فنقول : انّ القوّة العقلية هو ذا تجرّد المعقولات عن الكم المحدود والأين والوضع وسائر ما قيل من قبل ، فيجب أن ننظر في ذات هذه الصورة المجرّدة عن الوضع كيف هي مجرّدة عنه؟ أبا لقياس إلى الشيء المأخوذ منه ، أو بالقياس إلى الشيء الآخذ؛ أعنى أنّ وجود هذه الحقيقة المعقولة المتجرّدة عن الوضع هل هو في الوجود الخارجى ، أو في الوجود المتصور في الجوهر العاقل؟ ومحال أن نقول : انّها كذلك في الوجود الخارجى؛ فبقى أن نقول : انّها انّما هي مفارقة للوضع والأين عند وجودها في العقل ، فاذا وجدت في العقل لم تكن ذات وضع ، وبحيث تقع إليها إشارة أو تجزّ وانقسام أو شيء ممّا أشبه هذا المعنى فلا يمكن أن تكون في جسم.
أقول : الدليل الثانى المذكور من الشفاء قد أتى به الشيخ في النجاة أيضا (ص ١٧٧ ، ط مصر) وفي الفصل الخامس من رسالته في النفس وبقائها ومعادها (ص ٨٤ ، ط مصر بتصحيح الأهواني ، وص ١٢٩ من مجموعة الرسائل الفلسفية ، ط استانبول) بتفاوت يسير في تقرير البرهان لا يوجب مزيد إيضاح فيه للنقل هاهنا مرة أخرى. ففي النجاة : وبحيث تقع إليها إشارة تجزؤ ، أو انقسام أو شيء مما اشبه هذا المعنى. وفي رسالة النفس : بحيث تقع إليها إشارة تجزّؤ ، أي انقسام أو شيء مما اشبه هذا المعنى. وعنوان