ليكون على راحة منها في الآخرة ، ولذلك كان خير ابن آدم في أن يبقى بعد البلوغ إلى الشيخوخة كما في الخبر لأنّ بقاء الادراكات الدنيوية موذ لصاحبها في الآخرة ، ونعم ما قيل :
سينه خود را برو صد چاك كن |
|
دل از اين آلودگيها پاك كن. |
انتهى ما أفاد صاحب بيان السعادة.
وأقول : يسأل المتقشّف القائل بأنّ ما علمه الإنسان وما عمله يزولان عنه واقعا ، عن انّ البالغ إلى أرذل العمر وقد زال عنه ما كسب واكتسب ثمّ توفي ، هل هو مسئول بعد ذلك عن ما فعل أم لا؟ فإن كان مسئولا عنه فكيف يسأل وهو لا يعلم شيئا؟ فالسؤال خلاف العدل الإلهي؛ وإن كان غير مسئول عنه فهو خلاف مقتضى الدين الإلهي بالضرورة فافهم. على أنّه لو لم يكن قوله (تعالى شأنه) لكى لا يعلم من الغايات العرضية ، أو علّة غائية للعلوم الدنيوية للزم في فعل الحكيم على الإطلاق.
تبصرة : ما نقلنا عن الشفاء والنجاة ، من السؤال والجواب الشافي ، تجده في معارج القدس للغزالي على حذو ما في الكتابين ، حتى أنّه قال في آخره : ولنا أن نتوسّع في بيان هذا الباب من أصعب أبواب النفس إلّا أنّه بعد بلوغ الكفاية تنسب الازدياد إلى تكلف ما لا يحتاج إليه. فقد ظهر من أصولنا التي قررنا أنّ النفس ليست منطبعة في البدن ولا قائمة به فيجب أن تكون علاقتها مع البدن علاقة التدبير والتصرف (ص ٣٤ ـ ٣٦ ، ط مصر).