فقال له : يا شيخ هذه الثياب التي أنا لابسها تجوز لى الصلاة فيها؟ فضحك الشيخ ، فقال له الملك : ممّ تضحك؟
قال : من سخف قولك ، وجهك بنفسك وحالك ، ما لك تشبيه عندى إلّا بالكلب يتمرغ في دم الجيفة وأكلها وقذارتها ، فإذا جاء يبول يرفع رجله حتى لا يصيبه البول؛ وأنت وعاء مليء حراما وتسأل عن الثياب ومظالم العباد في عنقك. قال : فبكى الملك ونزل عن دابّته وخرج عن ملكه من حينه ولزم خدمة الشيخ ، فمسكه الشيخ ثلاثة أيام ، ثمّ جاءه بحبل ، فقال له : أيّها الملك قد فرغت أيّام الضيافة قم فاحتطب ، فكان يأتى بالحطب على رأسه ويدخل به السوق والناس ينظرون إليه ويبكون فيبيع ويأخذ قوته ويتصدق بالباقى ولم يزل في بلده ذلك حتى درج ودفن خارج تربة الشيخ ، وقبره اليوم بها يزار ، فكان الشيخ إذا جاءه الناس يطلبون أن يدعو لهم يقول لهم : التمسوا الدعاء من يحيى بن يغان فإنّه ملك وزهد ولو ابتليت بما ابتلى به من الملك ربما لم أزهد (ج ٢ ، ص ٢٣ ، ط مصر).