__________________
سنة الخلفاء من بعده صحيحة وسليمة عن النقد والاخذ ، وهذه الاحاديث التي نقلناها لك تؤكد بان خلفاءه هم اثنا عشر بالعدد وفي طائفة اخرى افصح النبي صلى الله عليه واله قائلا : من بني هاشم ، أو عترتي ، فهل يبقى حينئذ شك أو ريب في موالاة واتباع الائمة من آل الرسول صلى الله عليه واله والانقياد لهم ، أو في عدم تبعية غيرهم لانهم ليسوا من بني هاشم ولا من العترة؟
وقد قلنا آنفا : إن التفسير المجسد في الواقع الخارجي لهذه الروايات الناطقة بالوصف ـ من بني هاشم ـ وبالعدد ـ اثنا عشر ـ لا يتاتى الا في ائمة اهل البيت الاثني عشر الذين تقتدي بهم الشيعة في فقهها وتفسيرها وعقائدها وأحكامها ، كما أشار الى ذلك الحافظ القندوزي الحنفي رواية عن عباية بن ربعي ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : أنا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين ، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر : أولهم علي ، وآخرهم القائم المهدي.
وأضاف الحافظ قائلا : قال بعض المحققين : إن الاحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلى الله عليه واله اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة ، فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان ، علم ان مراد رسول الله صلى الله عليه واله من حديثه هذا الائمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن ان يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن يحمله على الملوك الاموية فان سلطانهم ملك وليس بخلافة كما في بعض الروايات ولزيادتهم على اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش الا عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم غير بني هاشم ، لان النبي صلى الله عليه واله قال : كلهم من بني هاشم في رواية عبد الملك عن جابر ، واخفاء صوته في هذا القول يرجح هذه الرواية ، ولا يمكن حمله على الملوك العباسيين لزيادتهم على العدد المذكور ولقلة رعايتهم الاية (قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (الشورى : ٢٣) وحديث الكساء فلا بد من ان يحمل هذا الحديث على الائمة الاثني عشر من اهل بيته وعترته عليهم السلام لانهم كانوا اعلم اهل زمانهم ، واجلهم ، وأورعهم ، واتقاهم ، وأعلاهم نسبا ، وأفضلهم حسبا واكرمهم عند الله ، وكانت علومهم من آبائهم عن جدهم صلى الله عليه واله وبالوراثة اللدنية ، كذا عرفهم اهل العلم والتحقيق وأهل الكشف والتوفيق.
ويؤيد هذا المعنى ـ أي ان مراد النبي صلى الله عليه واله الائمة الاثنا عشر من اهل بيته ، ويشهد به ويرجحه حديث الثقلين والاحاديث الكثيرة المذكورة في هذا الكتاب وغيره ، واما قوله صلى الله عليه واله : «كلهم تجتمع عليه الامة» في رواية جابر بن سمرة فمراده صلى الله عليه واله ان الامة تجتمع على الاقرار بامامة كلهم وقت ظهور قائمهم (ينابيع المودة : ٤٤٦).