رموزها وكشفت له سرّها فقال ما عندنا على معناه أحد جمع من شرائط الكمال ما جمع ، وفرع من ثنايا الإفضال ما فرع على كون الدولة اليمينية والحضرة الأمينية سالف الصدور ، ومطرح رجال كل متميز بالفخر المشهور ، والفعال المذكور ، فافتخروا يا أهل أذربيجان بعلاه ومآثره ، وحلاه إنا لنفتخر بمن نبغ فينا وجاءنا أو قدم علينا وطرا من رجالاتها فيهم الفلك الدوار وأعيان تطيع أوامر أقلامهم الأقضية والأقدار ، كأبي بكر الخوارزمي ، وأبي علي الدّاراني ، وأبي الفتح البستي ، وأبي سعد أحمد بن محمّد الحروي ، وأبي القاسم الإسكافي ، وأبي النضر العتبي ، وأبي يحيى الحمّادي ، والعميد أبي نصر المشكاني ، والأمير ابن الأمراء أبي الفضل الميكالي فهو يذكر معهم إذا عدّت الأكارم ، ونشرت عن مطلوبها المعالم ، ولعلكم تقولون هو عارف بفنون صناعة الكتاب ، عالم بغرائب أسرار الآداب وحدها ، فيقتصرون على أن ينشدوا فيه :
قد كانت الأقلام قبل زمانه |
|
حمراء فعادت أيما أفراس |
كلا إنه كان يقرأ عندنا الحديث ، فنرى من معرفته بمختلف أسماء الرّجال ، ومشتبه أنساب ذوي الكمال ، وسائر تلك الأحوال ما مرّ على المعدودين الفرح من طلابه ، ويزيد على الشيوخ المعدودين في حفاظ أصحابه ، ويتصل بهذا ما حدّثني بعض أدبائنا أنه حضر مجلس أبي عثمان بتبريز ، وأبو المظفر يقرأ كتاب الغريبين ، وفي المجلس يومئذ جماعة الوزراء وكافّة الشيوخ والوجهاء ، فسمع الحاضرون قراءة تحير القلوب ، فقال بعض أحداث الأدباء : سبحان الله ما أحسنها من قراءة ، وأعذبها من عبارة ، فأنكر الديخدا أبو الفرج محمّد بن أحمد الوزير قوله واستخف عقله وقال له كالمغضب : ما هذا؟ إنه لو أراد لصنّف أحسن منه ، وكان مما يشكره عليه ، أن يقول كان يكتب ما يصدر عن الأمير الأجل يذكرنا من جميع قلبه ويخلينا من وصفه بما كان يليق به ثم يجعل ذلك نكتة فيقول : كان الأمير يأمر به من قلبه ، وكان أبو المظفر يكتبه من قلبه ، فقلت له : ويرجو أيها الأستاذ أن لقلبه من كتب إليه بقلبه فاهتز لذلك ، فلما سمعت ثناءه عليه ودعاءه له جعلت أبشر بعض مساعيه وأشكر واصف ما غمرني به من أياديه ، وأذكر فقال : مل إلى الاختصار وجد بحكم الاقتصار ، فإنك تمدح ممدوحا وتشرح مشروحا ، هل تستنكر من السحاب أن تنقع غليل الهضاب ، أو تتعجب من النهار أن يضيء لذوي الأبصار ، فلست على الأطوار إلّا عند قول أبي الطيّب المسلم له الفوز بخصل الأشعار :