بروح (١) نعيم الإنس في عزّ قربه |
|
بأفراد توحيد المليك تحول |
لهم بفناء القريب (٢) من محض بره |
|
عوائذ بذل خطهن (٣) جليل |
قال : أبو بكر الخطيب : فقلت للقاضي أبي محمّد بن رامين : هذه موعظة الحميدي لك فعظني فقال : اتق الله وثق به ولا تتهمه فإن اختياره لك خير من اختيارك لنفسك وأنشدني :
اتخذ الله صاحبا |
|
وذر الناس جانبا |
جرّب الناس كيف |
|
شئت تجدهم عقاربا |
قال أبو الفرج غيث الصوري ، قلت للشيخ أبي بكر : هذه موعظة القاضي أبي محمّد لك ، فعظني أنت. فقال : احذر نفسك التي هي أعدى (٤) أعدائك أن تتابعها على هواها ، فذاك أعضل دائك ، واستشعر (٥) الخوف من الله بخلافها ، وكرر على قلبك ذكر نعوتها وأوصافها ، فإنها الأمّارة بالسوء والفحشاء ، والموردة من أطاعها موارد العطب والبلاء. واعمد في جميع أمورك إلى تحرّي الصّدق ، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. وقد ضمن الله تعالى لمن خالف هواه أن يجعل دار (٦) الخلد قراره ومأواه.
وأنشدني لنفسه :
إن كنت تبغي الرشاد محضا |
|
في أمر دنياك والمعاد |
فخالف النفس في هواها |
|
إن الهوى جامع الفساد |
أنبأنا أبو القاسم الحسيني ، نا عبد العزيز بن أحمد ، نا عبد الوهّاب الميداني ، أنا أبو العباس البردعي ، نا عبيد الله بن الحسين الأزدي ، نا أبو حفص النسائي.
حدّثني محمّد بن الحسين ، عن أبي إسحاق الأنطاكي ، حدّثني أبو عبد الله
__________________
(١) البداية والنهاية : تروح نعيم.
(٢) البداية والنهاية ١٠ / ١٥٣ القرب.
(٣) البداية والنهاية : خطبهن.
(٤) بالأصل : «أعد» والمثبت عن ابن كثير.
(٥) البداية والنهاية : واستشرف.
(٦) البداية والنهاية : جنة الخلد.