من الحق والعدل ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. فدعوتهم (١) بحججهم فأتوني بكتاب خالد بن الوليد لهم فيه :
بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق يوم فتحها ، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم لا تهدم ولا تسكن. لهم على ذلك ذمّة الله وذمّة رسوله وذمّة الخلفاء وذمّة المؤمنين ، ألّا أن (٢) يعرض لهم أحد إلّا بخير إذا اعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد هذا الكتاب يوم كتب عمرو بن العاص ، وعياض بن غنم ، ويزيد بن أبي سفيان ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، ومعمر بن عتّاب ، وشرحبيل بن حسنة ، وعمير بن سعد ، ويزيد بن نبيشة وعبد الله بن الحارث ، وقضاعي بن عامر. وكتب في شهر ربيع الآخر من سنة خمس عشرة.
قال يحيى بن حمزة : فنظرت في كتابهم فوجدته خاصّة لهم ، وفحصت عن أمرهم فوجدت فتحها بعد حصار ، ووجدت ما وراء حائطها لدفع الخيل ، ومراكز الرّماح (٣). ونظرت في جزيتهم فوجدتها وظيفة عليها خاصة دون غيرهم ، ووجدت أهلها عند فتحها رجلين : رجلا روميا قتلته (٤) الحرب أو نفته ، فمساكنهم وكنائسهم قسمة بين المسلمين معروفة لا تخفى ، ورجلا من أهلها حقن دمه هذا العهد ، فمساكنهم وكنائسهم مع دمائهم لهم لم تسكن ، ولم تقسم معروفة ليست تخفى. فقضيت لهم بكنائسهم حين وجدتهم أهل هذا العهد ، وأبناء البلد بنكا تلادا ، ووجدت من نازعهم لفيفا طراء (٥) وذلك لو أنهم أسلموا كان لهم صرفها (٦) مساجد ومساكن ، فلهم في آخر الدّهر ما لهم في أوله ، وأثبت في الأصول قبل ، وأشهدت الله عليه وصالح المؤمنين وفاء بهذا العهد الذي عهده لهم السابقون الأخيار. فإن يكن بينهم خاصة في ذلك اختلاف نظر لهم ، وقضيت لمن نازعهم بما كان لهم فيها من حلية أو آنية أو كسوة أو عرصة أضافوا ذلك إليها ، يدفع ذلك إليهم بأعيانهم إن قدروا عليه وسهل قبضه أو قيمة عدل يوم ينظر فيه. شهد على ذلك.
__________________
(١) عن م وبالأصل : فدعوهم.
(٢) كذا وفي المختصر : ألّا يعرض.
(٣) المختصر : للرماح.
(٤) عن م وبالأصل «قتله».
(٥) يعني غرباء.
(٦) كذا بالأصل ، وعلى هامشه : «بعد فتحها» وفي المختصر مثله ، وهو الأظهر.