أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ بن نظيف ، حدّثنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، حدّثنا الحسين بن الحسن ، حدّثنا الزّيادي ، حدّثنا الأصمعي : أن عمر بن هبيرة قال لإياس بن معاوية لما أراده على القضاء قال : لأني لا أصلح ، قال له : وكيف ذلك لأني عييّ وأنا دميم وإني حديد. فقال ابن هبيرة : أما الحدّة فإن السوط يقوّمك ، وأما الدمامة فإني لا أريد أن أحاسن بك ، وأما العيّ فقد عثرت على ما أريد وإن كنت عند نفسك عييا فذاك أجدر.
قال الزّيادي : وقيل لإياس لما ولي القضاء : إنك تعجل بالقضاء. قال إياس : كم لكفك من إصبع؟ فقال : خمسة ، فقال له إياس : عجّلت بالجواب. قال : لم يعجّل من استيقن علما. فقال إياس : هذا جوابي.
قال : وحدّثنا أحمد بن مروان ، حدّثنا أحمد بن يوسف ، حدّثنا أبو عبيد ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهدي ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، عن حميد الطويل ، قال : لما ولي إياس بن معاوية القضاء دخل عليه الحسن وإياس يبكي فقال له : ما يبكيك؟ فذكر إياس الحديث : القضاة ثلاثة : اثنان في النار ، وواحد في الجنة. فقال الحسن : إن فيما قصّ الله عليك من نبأ داود وسليمان ما يرد قول هؤلاء الناس ثم قرأ (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ) الآية ، إلى قوله (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً)(١) فحمد سليمان ولم يذم داود.
أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنا ثابت بن بندار ، أنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن موسى ، أنا الأحوص بن المفضّل بن غسان ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، أنا حميد ، قال (٢) : لما استقضي إياس أتاه الحسن فبكى إياس فقال : يا أبا سعيد إنه بلغني : أن القضاة ثلاثة : رجل اجتهد وأخطأ فهو في النار ، ورجل مال به الهوى فهو في النار ، ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة ، قال الحسن : أخذ الله على الحكام ثلاثة : أن لا يشتروا به ثمنا ، ولا يخشوا فيه الناس ، وأن لا يتّبعوا الهوى قال : ثم قرأ هذه الآية : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٧٨ و ٧٩.
(٢) الخبر في أخبار القضاة لوكيع ١ / ٣١٣ باختلاف واختصار.