وكان الحتات أخذ سبعين ألفا ، فرجع إلى معاوية ، فقال : ما ردّك (١) يا أبا منازل؟ قال : فضحتني في بني تميم ، أما حسبي صحيح! أولست ذا سنّ! [أولست] مطاعا في عشيرتي ، قال معاوية : بلى ، قال : فما بالك خسست بي دون القوم! فقال : إني اشتريت من القوم دينهم ووكلتك إلى دينك ورأيك في عثمان بن عفّان ـ وكان عثمانيا ـ قال : وأنا فاشتر مني ديني ، فأمر له بتمام جائزة القوم. وطعن في جائزته. فحبسها معاوية ، فقال الفرزدق في ذلك :
أبوك وعمي يا معاوي أورثا |
|
تراثا فيحتاز التراث أقاربه |
فما بال ميراث الحتات أخذته |
|
وميراث حرب جامد لك ذائبه |
فلو كان هذا الأمر في جاهليّة |
|
علمت من المرء القليل حلائبه |
ولو كان في دين سوي ذا شنئتم |
|
لنا حقّنا إذ غصّ بالماء شاربه |
ولو كان إذ كنا وللكفّ بسطة |
|
لصمّم عضب فيك ماض ضرائبه |
وأنشده محمد بن علي : «في الكف مبسط»
وقد رمت شيئا يا معاوي دونه |
|
خياطف علودّ صعاب مراتبه |
وما كنت أعطي النّصف عن غير قدرة |
|
سواك ، ولو مالت عليه (٢) كتائبه |
ألست أعزّ الناس قوما وأسرة |
|
وأمنعهم جارا إذا ضيم جانبه |
وما ولدت بعد النبيّ وآله |
|
كمثلي حصان في الرجال يقاربه |
أبي غالب والمرء ناجية الذي |
|
إلى صعصع ينمى فمن ذا يناسبه |
وبيتي إلى جنب الثّريّا فناؤه |
|
ومن دونه البدر المضيء كواكبه |
أنا ابن الجبال (٣) الشمّ في عدد الحصى |
|
وعرق الثّرى عرقي فمن ذا يحاسبه |
أنا ابن الذي أحيا الوئيدة ضامن |
|
على الدهر إذ عزّت لدهر مكاسبه |
وكم من أب لي يا معاوي لم يزل |
|
أغرّ يباري الريح [ما] ازورّ جانبه |
نمته فروع المالكين ولم يكن |
|
أبوك الذي من عبد شمس يقاربه |
تراه كنصل السّيف يهتز للندى |
|
كريما يلاقي المجد ما طرّ شاربه |
__________________
(١) غير واضحة بالأصل والمثبت عن الطبري.
(٢) الديوان ١ / ٥٣ والطبري : عليّ.
(٣) الطبري : الجبال الصم.