أخبرنا أبو بكر علي بن إبراهيم السّلماني الواعظ إذنا قال : أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبد الله العكبري ، قال : أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين (١) الجازري ، حدّثنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري (٢) ، حدّثنا محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن عبد الأعلى الكاتب ، حدّثنا جدي علي بن الحسين بن عبد الأعلى الكاتب ، قال : كان عبد الله بن طاهر قد أهدى للمعتصم شهريّين (٣) ملمغين ، ذكر أن خراسان لم يخرج مثلهما فسأل بغا أن يحمله على أحدهما فأبى ، وقال : تخيّر غيرهما ما شئت فخذه قال : خرجا ولم يأخذ شيئا ، فلما صرنا بطبرستان (٤) عرض له قوم من أهلها فقالوا : أعزّ الله الأمير ، إن في بعض هذه الغياض سبعا قد استكلب على الناس وأفناهم ، فقال : إذا أردت الرحيل غدا فكونوا معي حتى تقفون على موضعه ، قال : فلما رحلنا من غد حضر جماعة منهم ، فانفرد معهم في عشرين فارسا من غلمانه ، ومعه قوسه ونشّابتان في منطقته ، قال : وصاروا به إلى الغيضة ، فثار السّبع في وجهه من بينهم ، قال : فحرّك فرسه من بين يديه ، وأخذ نشّابة من النّشّابتين فرماه في لبّته ، فمرّ السهم فيها إلى الريش وركب السبع رأسه ، قال : وعاد بغا إليه فما اجترأ (٥) أحد على النزول إليه حتى (٦) نزل بغا فوجده ميتا. قال : فشبرناه فكان من رأسه إلى رأس ذنبه ستة عشر شبرا ، ووجدنا أحص الشّعر إلّا معرفته. قال : فكتبنا بخبره إلى المعتصم ، فلحقنا جواب كتابنا بحلوان يذكر أنه قد تفاءل بقتل السبع ورجا أن يكون من علامات الظفر ببابك ، وأنه قد وجّه إلى بغا بالشّهريين اللّذين كان طلب أحدهما فمنعه ، وبسبع خلع من خاصة خلعه وثيابه وخمسمائة ألف درهم صلة له وجزاء على قتله السّبع. قال : وإنما أراد المعتصم بذلك إغراءه على طاعته ومجاهدة عدوه.
قال القاضي أبو الفرج : قوله في السّبع ووجدناه أحصّ : أي لا شعر عليه كما قال الشاعر :
قد حصّت البيضة رأسي فما |
|
أظفر يوما غير تهجاع (٧) |
__________________
(١) بالأصل «الحسن» والصواب عن الأنساب «الحازري».
(٢) لم أعثر على الخبر في القسم المطبوع من الجليس الصالح الكافي.
(٣) الشهرية ضرب من البراذين ، وهو بين البرذون والمقرف من الخيل ، والمقرف الذي دانى الهجنة من الفرس الذي أمه عربية وأبوه ليس كذلك.
(٤) طبرستان : بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم ، والغالب على هذه النواحي الجبال ، انظر معجم البلدان.
(٥) رسمها غير واضح بالأصل ، «اجترأ» عن مختصر ابن منظور ٥ / ٢٣١.
(٦) قوله : «حتى نزل بغا» عن المختصر والعبارة في الأصل غير واضحة ورسمها : «لفي تراقفنا» كذا.
(٧) البيت في اللسان (حصص) منسوبا لأبي قيس بن الأسلت برواية : أذوق نوما غير تهجاع.