أقبل إليه رسول الأمير فقال له : يا أبا بسطام الأمير يقرأ عليك السلام ويقول لك : ما نقول في رجل ضرب رجلا على الرأس فادّعى المضروب أنه قد منعه الشمّ؟ قال : فلم يكن عند شعبة جواب ، فانصرف إلى جلسائه فقال لهم : ما تقولون في مسألة الأمير فقالوا : وما هي؟ فأخبرهم ، فلم يكن عند القوم جواب ، فالتفت إليّ فقال : ما اسمك؟ قلت : بقية ، قال : إذ نزل بكم هذا إلى من ترجعون؟ قلت : إليك وإلى أمثالك قال : دع هذا عنك إلى من ترجعون؟ قلت : إلى أبي عمرو عبد الرّحمن بن عمرو الأوزاعي قال : ما تقول في مسألة الأمير ، قلت : أصلحك الله يشمّ الخردل المدقوق فإن دمعت عيناه فكاذب ، وإن لم تدمع عيناه فصادق قال : فافتينا رسول الأمير بذلك وأقبل عليّ فحدّثني في شهرين ما كنت أرضى أن يحدّثنيه في ستة أشهر.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ـ فيما أجازه لي ـ عن أبي بكر البيهقي ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدّثني محمد بن الحسن ، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي ، حدّثنا أحمد بن محمد بن سليمان ، قال : سمعت أبا زرعة [يقول :](١) بقية عجب ، ثم قال : إذا روى عن الثقات فهو ثقة ، وقد حدّثنا عن إبراهيم بن موسى عن رباح عن ابن المبارك قال : إذا اختلف إسماعيل بن عيّاش وبقية فبقية أحب إليّ. قال أبو زرعة : وقد أصاب ابن المبارك في ذلك ، ثم قال : هذا في الثقات فأما في المجهولين فيحدّث عن قوم لا يعرفون ولا يضبطون. وقد روى عن سويد بن سعيد ، وعن إسحاق بن راهوية ، وعن هشام بن عبيد الله وذكر أبو زرعة قال : رأيته في كتاب أظنه ذكر ابن المصفّى أو غيره ـ عن هشام بن عبيد الله وأنا سمعت ذلك الحديث من هشام ، فقلت لصاحبه : هذا شيخ كان عندنا وأنا أدركته ، فقال : قد حدّثنا هذا بقية من منذ ثلاثين فقلت له ما أقول لك.
وذكر أبو زرعة قال : قال ابن عاصم أتاني رجل عليه مدرعة صوف وبيده عكازة فسألني عن حديث كان عند علي عن حصين عن بعض أصحابه ذكره أبو زرعة : أن قردا زنت باليمن فرجمها القرود فكنت فيمن رجمه فحدّثته ثم انصرف ، فقلت : من أنت؟ قال : أنا بقية بن الوليد ، قال أبو زرعة وكان صاحب هذه الأشياء.
ثم قال أبو زرعة : ذكر بقية عند ابن عيينة فقال ابن عيينة أبو زرعة أنا أبو العجب أنا. ثم قال أبو زرعة مع ذلك كان ممن نفقه. كان عند شعبة فسئل عن مسألة فقال شعبة : إذا ورد
__________________
(١) زيادة للإيضاح وفي م : سمعت أبا زرعة وذكر بقية فقال أبو زرعة :