ومائتين ـ مات بكّار بن قتيبة في ذي الحجة وهو ابن سبع وثمانين.
قرأت بخط أبي حفص عمر بن أبي بكر المؤدب مما نقله من خط عبد العزيز بن أبي طاهر التّميمي قال : قال أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطّحاوي وتوفي منهم فيها ـ يعني سنة سبعين ومائتين ـ أبو بكرة بكّار بن قتيبة بن أبي بردعة بن بشير بن عبيد الله بن أبي بكرة صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الخميس لخمس ليال خلون من ذي الحجة منها ، وكان مولده بالبصرة في سنة اثنتين وثمانين (١) ومائة ، وولي قضاء مصر في سنة ست وأربعين ومائتين فلم يزل قاضيها إلى أن توفي بها ، وكان من الحمد في ولايته عليها ومن القبول لأهلها إياه ، ومن عفته عن أموالهم ومن سلامته في أحكامه ، ومن اطلاعه بذلك على نهاية ما يكون عليه مثله ، حتى لو كانت أخلاقه ومواهبه هذه فيمن تقدّم لكان يبين بها عن كثير منهم. وكان الأمير أحمد بن طولون من المعرفة بحقه ، والميل إليه والتعظيم لقدره على نهاية ، وكان يأتي إليه بمحضرنا وهو يملي على الناس الحديث على كثرة من كان يحضر مجلسه ، فيمنع حاجبه مستمليه من الانقطاع عن الاستملاء عليه ، ثم يصعد إليه إلى المجلس الذي كان يحدّث فيه ، فيقعد مع الناس فيه ويستتمّ بكّار مجلسه وهو حاضر ، لا يقطعه بحضوره إياه ، فلم يزل كذلك حتى أراد منه أحمد بن طولون خلع أبي أحمد الموفق ولعنه ، فأبى ذلك عليه ، فلمّا رأى أحمد بن طولون أنه لا يلتئم له منه ما يحاوله منه ألّب عليه سفهاء أهل الأحباس (٢) ومن سواهم من العوامّ ، وجعله لهم خصما ، وكان يقعد له من يقيمه بين يديه مع من يخاصمه مقام الخصوم فلا يأبى ذلك ، ويقوم بالحجة لنفسه ، ويشافه أمر من يخاصمه فكان قلّ من ينصرف عن خصومته وربما كان ذلك سببا لحبس من يخاصمه منهم ثابت بن أبي حداد (٣) فإنه كان خاصمه إليه ، فقال : أدنوه مني حتى أسمع ، فلما سمع قوله وذكر أنه جاء بكتاب من العراق في أمره قال له : لا أدري ما هذا قد كان يخاصم إليّ ويطلب بعض حبس جده ، وكان جده نصرانيا في وقت تحبيسه إياه ، فخرج وقبضه من يد الحاكم فتلا وهو كذلك يعني الحارث بن مسكين فأعلمته أن نصرانية جده لا
__________________
(١) بالأصل : «اثنين ومائتين» والمثبت عن سير الأعلام ١٢ / ٥٩٩ والمطبوعة ١٠ / ٢٤١ والوافي بالوفيات ١٠ / ١٨٦ وفي م : اثنين وثمانين ومائتين.
(٢) الأحباس بمعنى الأوقاف ، وفي سير الأعلام : «سفهاء الناس» ، وفي مختصر ابن منظور : الأحباش بالشين المعجمة.
(٣) في المطبوعة : حدار.