الأندر (١) ملوكا : كسرى وقيصر وأمير المؤمنين عمر ، وقد هيأت المنزل لعمر كما كنت أهيئه لمن كان قبله ، فإني لفي تهيئة طعام الناس وما يصلحهم جعلت أتعاهد المكان الذي أعددت له لا ينزله أحد ، فأتيته فإذا فسيطيط يضرب فيه ، فقلت : تنحّوا رحمكم الله فإن هذا مكان أعددته لأمير المؤمنين ، فقالوا : أمير المؤمنين الذي يأخذ بعمود الفسطاط؟ فخرج عليّ فإذا عليه قميص كرابيس (٢) وسخ قد كاد (٣) يتقطع من الوسخ فقلت : يا أمير المؤمنين ألا أغسل قميصك هذا [حتى] يجف؟ قال : بلى إن شئت ، فاغتنمت ذلك فدعوت بقميص قبطيّ قد خيط فلبسه ، فلما وجد لينه وقعقعته قال : ويحك يا ابن ينّاق ائتني بقميصي ، قال : فجئته به ولمّا يجف بعد ، فذهبت أدخله بيتا فرأى فيه صورة فأبى أن يدخله ، ثم أتيته بعسل فشربه ، فقال : إن هذا لا يسع الناس فهل من شراب يسع الناس؟ فأتيته بطلاء (٤) قد طبخ على الثلثين فنظر إليه فقال : ما أشبه هذا بطلاء الإبل ، ثم سقى رجلا منه فشربه ، فقال : أتجد دبيبا تجد شيئا؟ قال : لا ، ثم ثنّى فقال : تجد شيئا؟ قال : لا. قال : ثم ثلّث فقال : أتجد شيئا؟ قال : لا ، قال : قم فامش فمشى حتى رجع ، فقال : أتجد دبيبا تجد شيئا؟ قال : لا ، قال : فقال : نعم أرزق الناس من هذا ، وكتب به إلى سعد بالكوفة.
رواه الأصم عن الحسن بن مكرم ، عن يزيد بن هارون ، عن حريز (٥) فقال : حدّثنا إسحاق بن أيمن ، عن أبيه ، فيحتمل أن يكون إسحاق بن أيمن أبو أيمن والله أعلم.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا عبد الله بن عتّاب (٦) إجازة ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا علي بن الحسن الرّبعي ، أنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا أحمد بن عمير ـ قراءة ـ قال : سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة : إسحاق أبو أيمن روى إسحاق عن أبيه ولم ينسب.
أنبأنا أبو الغنائم بن النّرسي ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو الفضل بن
__________________
(١) الأندر : البيدر.
(٢) الكرابيس فارسي معرب جمع كرباس ، وهو الثوب الخشن.
(٣) بالأصل «كان تنقطع» والمثبت عن م.
(٤) الطّلّاء ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه.
(٥) بالأصل «جرير» والصواب ما أثبت ، وقد تقدم في بداية الخبر.
(٦) رسمها غير واضح بالأصل والصواب ما أثبت عن م.