أنبأنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم ، أنا الحسن بن علي بن محمد الشيرازي ، حدّثنا أبو القاسم منصور بن أحمد قال : سئل أبو العباس بن عطاء عن قوله عزوجل : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(١). فقال : إن الله عزوجل سلّط الدّود على جسم أيوب كلّه إلّا على قلبه ولسانه ، فكان القلب غنيا بالله قويا ، واللسان يذكر الله رطبا دائما ، يأكل الدّود الجسم كله حتى بقيت أضلاعه مشبّكة والعروق ممدودة ، وحتى ما بقي للدود شيء يأكله ، فسلّط الله الدود بعضه على بعض ، فأكل بعضه بعضا حتى بقيت دودتان فجاعتا جميعا فشدّت أحدهما على الأخرى فأكلتها وبقيت واحدة فجاعت ودنت إلى القلب لتنقره ، فقال أيوب عليهالسلام عند ذلك (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) أن فقدت حلاوة ذكرك من قلبي ، لأنك لو جمعت البلاء كله عليّ بعد أن لا أفقدك من قلبي ما وجدت للبلاء ألما ، فأوحى الله عزوجل إليه : يا أيوب إنك لتنظر إليّ غدا ، قال : يا رب بهاتين العينين ، فقال له عزوجل : يا أيوب أجعل لك عينين يقال لهما : البقاء ، فتنظر إلى البقاء بالبقاء.
أخبرنا أبو الحسن الفقيه وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الشّرابي ، قالا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، نا جدّي أبو بكر ، أنا محمد بن يوسف بن بشر الهروي ، أنا محمد بن حمّاد ، أنا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن قتادة في قوله تعالى : (بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ)(٢) قال : الضّرّ في الجسد ، وعذاب في المال. قال : فلبث بذلك سنتين وأشهرا (٣) على كناسة بني إسرائيل تختلف الدوابّ في جسده.
قال : وأنا عبد الرّزّاق ، أنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال : سمعت وهب بن منبّه يقول : لم يكن أصاب أيوب الجذام ولكنه أصابه أشدّ منه ، كان يخرج في جسده مثل ثدي المرأة ثم يتفقّأ.
أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفّر بن الحسن ، أنا أبي ، أنا أحمد بن إبراهيم العبشمي ، أنا محمد بن إبراهيم الدّيبلي ، حدّثنا أبو عبيد الله ، حدّثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن وهب بن منبه قال : لم يكن الذي أصاب أيوب الجذام إنما كان يخرج
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٨٣.
(٢) سورة ص ، الآية : ٤١ و ٤٢.
(٣) بالأصل : أشهر.