ومن إعماله قول عائشة رضي الله تعالى عنها : «من قبلة الرّجل امرأته الوضوء» (١) ، فأعمل «قبلة» وهو اسم مصدر ، لأنّ فعله «قبل».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وبعد جرّه الّذي أضيف له |
|
كمّل بنصب أو برفع عمله |
قد تقدّم أنّ المصدر يكون مضافا ، ومجرّدا ، ومقرونا بـ «أل».
فالمصدر إن كان مضافا إلى الفاعل ، كمّل بنصب مفعوله ، وهذا هو المراد بقوله : «كمّل بنصب» ، نحو «أعجبني أكل زيد الخبز» ، ومنه قوله سبحانه وتعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) [البقرة : ٢٥١] ، وإن كان مضافا إلى المفعول كمّل برفع فاعله ، وهذا هو المراد بقوله : «أو برفع» ، نحو «أعجبني أكل الخبز (٢)
__________________
دهن زيد لحيته». ومنعه البصريون وتأولوا ما ورد منه على إضمار فعل. وذهب الصيمري إلى أن إعماله من النوادر. هذا إذا لم يكن علما ، فإن كان علما لم يعمل اتفاقا ، وذلك لتعريفه بالعلمية ، والإعلام لا تعمل. وإن كان ميميا فكالمصدر في العمل اتفاقا ، لأنه مصدر حقيقة ، نحو :
أظلوم إنّ مصابكم رجلا
فـ «مصاب» مصدر ميمي مضاف إلى فاعله ، و «رجلا» مفعوله.
انظر الهمع : ٥ / ٧٧ ، شرح المرادي : ٣ / ٩ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٢٤ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٨٨ ، الأصول : ١ / ١٣٩ ـ ١٤٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٦٣ ـ ٦٤ ، شرح الرضي : ٢ / ١٩٨ ، شرح الشذور : ٤١٠.
قال ابن الناظم في شرحه (٤١٨) : «ولاسم مصدر عمل» بتنكير «عمل» لقصد التقليل ، إشارة إلى أن اسم المصدر قد يعطي حكم المصدر ، فيعمل عمل فعله ، كقول الشاعر :
أكفرا بعد ردّ الموت عنّي |
|
وبعد عطائك المائة الرّتاعا» |
انتهى. وانظر شرح المكودي : ١ / ٢١٠.
(١) وفي موطأ الإمام مالك (١ / ٤٤ ـ حديث رقم : ٦٥) : «وحدثني ـ يقصد يحيى ـ عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول : «من قبلة الرّجل امرأته الوضوء». وانظر حديث رقم : ٦٦ ، شرح الموطأ للزرقاني : ١ / ٨١ ، تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك للسيوطي : ١ / ٦٥ ، المسوي شرح مالك للدهلوي : ١ / ٧٣ ، المنتقى شرح موطأ مالك للباجي : ١ / ٩٣ ، أوجز المسالك إلى موطأ مالك للكاندهلوي : ١ / ٢٧٨ ، و «الوضوء» ـ بالرفع ـ مبتدأ مؤخر ، و «من قبلة» خبر مقدم ، و «قبلة» اسم مصدر «قبل» ، وقياس مصدره «التقبيل» ، و «الرجل» مضاف إليه من إضافة اسم المصدر إلى فاعله ، و «امرأته» ـ بالنصب ـ مفعوله. ونسب إلى عائشة رضياللهعنها في شرح المكودي : ١ / ٢١٠ ، شرح ابن الناظم : ٤١٩ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٨٨ (وفيه : «زوجته» بدل «امرأته») ، ابن عقيل مع الخضري : ٢ / ٢٣ ، شرح المرادي : ٣ / ٩ ، المساعد على تسهيل الفوائد : ٢ / ٢٣٨.
(٢) في الأصل : زيد الخبز. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٠.