عمرو» ، ومنه قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ / اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [عمران : ٩٧] في أحد التّأويلات (١).
وإضافته إلى الفاعل ونصب المفعول ـ أكثر من إضافته إلى المفعول ورفع الفاعل.
وقوله : «كمّل» (٢) لا يريد أنّ ذلك واجب ، بل جائز ، لأنّه يجوز أن يضاف إلى الفاعل ولا يذكر معه مفعول ، نحو «أعجبني أكل زيد» ، وإلى المفعول ولا يذكر معه فاعل ، نحو «أعجبني أكل الخبز» ، ومنه قوله عزوجل : (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) [ص : ٢٤].
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وجرّ ما يتبع ما جرّ ومن |
|
راعى في الاتباع المحلّ فحسن |
قد تقدّم أنّ المصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول ، فإن أضيف إلى الفاعل فلفظه مجرور ، وموضعه مرفوع ، وإن أضيف إلى المفعول فلفظه مجرور وموضعه منصوب إن قدّر بـ «أن» وفعل الفاعل ، ومرفوع إن قدّرناه بـ «أن» وفعل المفعول ، فيجوز في تابع المضاف إليه إذا كان فاعلا ـ الجرّ على اللّفظ والرّفع على الموضع.
__________________
(١) فـ «حج» مصدر مضاف إلى المفعول ، وكمل برفع الفاعل ، قال ابن هشام : «قول ابن السيد في قوله تعالى (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) أن «من» فاعل بالمصدر ، ويرده : أن المعنى حينئذ «ولله على الناس أن يحج المستطيع ، فيلزم تأثيم جميع الناس إذا تخلف مستطيع عن الحج ، وفيه مع فساد المعنى ضعف من جهة الصناعة ، لأن الإتيان بالفاعل بعد إضافة المصدر إلى المفعول شاذ». انتهى. وأجيب عنه : بأن الفساد مبني على كون «أل» في الناس للاستغراق ، وليس كذلك ، بل للعهد الذكري ، لأن «حج» مبتدأ ، ورتبة المبتدأ مع متعلقاته التقديم ، فالمعنى : حج المستطيعين البيت واجب لله على هؤلاء المستطيعين.
التأويل الثاني : أن «من» بدل من «الناس» بدل بعض من كل ، وحذف رابطه لفهمه ، أي : من استطاع منهم.
الثالث : أن «من» مبتدأ ، والخبر محذوف أي : فعليه أن يحج.
الرابع : أن «من» شرطية جوابها محذوف. أي : فليحج.
انظر مغني اللبيب : ٦٩٤ ، حاشية الصبان : ٢ / ٢٨٩ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ٢٤ ، البيان لابن الأنباري : ١ / ٢١٣ ـ ٢١٤ ، إملاء ما من به الرحمن : ١ / ١٤٤ ، الأصول : ٢ / ٤٧ ، الهمع : ٥ / ٢١٣ ، حاشية ابن حمدون : ٢ / ٢١٠ ، ارتشاف الضرب : ٣ / ١٧٩.
(٢) في الأصل : وكمل. انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٠ ، الألفية : ٩٣.