لوجب أن تقول : أوسام ، وأواسيم ؛ فلما لم يجز أن يقال إلا أسماء دل على أنه مشتق من السمو ، لا من الوسم.
والأصل في أسماء أسماو ، إلا أنه لما وقعت الواو طرفا وقبلها ألف زائدة قلبت همزة كما قالوا : سماء ، وكساء ، ورجاء ، ونجاء. والأصل فيه : سماو ، وكساو ، ورجاو ، ونجاو ؛ لقولهم : سموت وكسوت ورجوت ونجوت ، إلا أنه لما وقعت الواو طرفا وقبلها ألف زائدة قلبت همزة.
ومنهم من قال (١) : إنما قلبت ألفا لأن الألف التي قبلها لما كانت ساكنة خفية زائدة ـ والحرف الساكن حاجز غير حصين ـ لم يعتدّوا بها ، فقدّروا أن الفتحة التي قبل الألف قد وليت الواو (٢) وهي متحركة ، والواو متى تحركت وانفتح ما قبلها وجب أن تقلب ألفا ، ألا ترى أنهم قالوا : سما ، وعلا ، ودعا ، وغزا ، والأصل فيها سمو وعلو ودعو وغزو ؛ لقولهم : سموت وعلوت ودعوت وغزوت ، إلا أنه لمّا تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، فكذلك هاهنا قلبوا الواو في أسماو ألفا ، فاجتمع فيه ألفان : ألف زائدة ، وألف منقلبة عن لام الكلمة ، والألفان ساكنان ، وهما لا يجتمعان ، فقلبت الألف الثانية المنقلبة عن لام الكلمة همزة لالتقاء الساكنين ، وإنما قلبت إلى الهمزة دون غيرها من الحروف لأنها أقرب الحروف إليها ؛ لأن الهمزة هوائية ، كما أن الألف هوائية ، فلما كانت أقرب الحروف إليها ؛ كان قلبها إليها أولى من قلبها إلى غيرها
[٦] والوجه الخامس : أنه قد جاء عن العرب أنهم قالوا في اسم : سمى ، على مثال على ، والأصل فيه سموّ ، إلا أنهم قلبوا الواو منه ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، فصار سمّى ، قال الشاعر :
[٢]والله أسماك سمّى مباركا |
|
آثرك الله به إيثاركا |
______________________________________________________
[٢] هذا بيت من الرجز المشطور يقوله ابن خالد القناني ـ نسبة إلى القنان بفتح القاف وهو جبل لبني أسد فيه ماء يسمى العسيلة ـ وقد أنشده في اللسان (س م و) وأنشده ابن يعيش ، وابن هشام في أوضح المسالك (رقم ٥ بتحقيقنا) و «أسماك» أراد ألهم آلك أن يسموك ، و «سما» ـ
__________________
السابق منهما ساكنا قلبوا الواو ياء ثم أدغموا الياء في الياء ، وربما حذفوا الياء المنقلبة عن حرف اللين وأبقوا الواو فانقلبت ياء لتطرفها إثر كسرة فقالوا «الأسامي» وتحذف هذه الياء الخفيفة في حالتي الرفع والجر ، ومن ذلك قول الشاعر :
ولنا أسام ما تليق بغيرنا |
|
ومشاهد تهتل حين ترانا |
(١) ينسب العلامة رضي الدين في شرح الشافية هذا الرأي إلى حذاق الصرفيين.
(٢) الصواب أن يقال «قد وليتها الواو».