٣٤
مسألة
[القول في العامل في المستثنى النّصب](١)
اختلف مذهب الكوفيين في العامل في المستثنى النّصب نحو «قام القوم إلا زيدا» فذهب بعضهم إلى أن العامل فيه «إلا» ، وإليه ذهب أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد وأبو إسحاق الزجاج من البصريين ، وذهب الفراء ومن تابعه من الكوفيين ـ وهو المشهور من مذهبهم ـ إلى أن «إلا» مركبة من إنّ ولا ، ثم خففت إنّ وأدغمت في لا ، فنصبوا بها في الإيجاب اعتبارا بإنّ ، وعطفوا بها في النفي اعتبارا بلا ، وحكي عن الكسائي أنه قال : إنما نصب المستثنى [١١٩] لأن تأويله : قام القوم إلا أن زيدا لم يقم ، وحكي عنه أيضا أنه قال : ينتصب المستثنى لأنه مشبه بالمفعول. وذهب البصريون إلى أن العامل في المستثنى هو الفعل ، أو معنى الفعل بتوسّط إلا.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أنّ «إلّا» هي العامل وذلك لأن إلّا قامت مقام أستثني ، ألا ترى أنك إذا قلت «قام القوم إلا زيدا» كان المعنى فيه : أستثني زيدا ، ولو قلت «أستثني زيدا» لوجب أن تنصب ، فكذلك مع ما قام مقامه.
والذي يدل على أن الفعل المتقدم لا يجوز أن يكون عاملا في المستثنى النصب أنه فعل لازم. والفعل اللازم لا يجوز أن يعمل في هذا النوع من الأسماء ؛ فدلّ على أن العامل هو «إلّا» على ما بيّنا.
والذي يدل أيضا على أن الفعل ليس عاملا قولهم «القوم إخوانك إلا زيدا» فينصبون زيدا ، وليس هاهنا فعل ألبتة ؛ فدل على صحة ما ذهبنا إليه.
وأما الفرّاء فتمسك بأن قال : إنما قلنا إنه منصوب بإلّا لأن الأصل فيها إنّ ولا ؛
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : حاشية الصبان على الأشموني (٢ / ١٢٥) وتصريح الشيخ خالد الأزهري (١ / ٤٢١ بولاق) وشرح الرضي على الكافية (١ / ٢٠٧) وأسرار العربية للمؤلف (ص ٨١ ليدن) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ٢٥٩ ليبزج).