٥٣
مسألة
[اسم لا المفرد النكرة ، معرب أو مبنيّ؟](١)
ذهب الكوفيون إلى أن الاسم المفرد النكرة المنفي بلا معرب منصوب بها نحو «لا رجل في الدّار».
وذهب البصريون إلى أنه مبني على الفتح.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه منصوب بها لأنه اكتفى بها من الفعل ؛ لأن التقدير في قولك «لا رجل في الدّار» لا أجد رجلا في الدار ، فاكتفوا بلا من العامل ، كما تقول «إن قمت قمت ، وإن لا فلا» أي وإن لا تقم فلا أقوم ، فلما اكتفوا بلا من العامل نصبوا النكرة به ، وحذفوا التنوين بناء على الإضافة.
ومنهم من تمسك بأن قال : إنما قلنا إنه منصوب بها لأن «لا» تكون بمعنى غير ، كقولك «زيد لا عاقل ولا جاهل» أي : غير عاقل وغير جاهل ، فلما جاءت ها هنا بمعنى ليس نصبوا بها : ليخرجوها من معنى غير إلى معنى ليس [١٦٢] ويقع الفرق بينهما.
ومنهم من تمسك بأن قال : إنما أعملوها النّصب لأنهم لما أولوها النكرة ـ ومن شأن النكرة أن يكون خبرها قبلها ـ نصبوا النكرة بغير تنوين.
ومن النحويين من قال : إنه منصوب لأن «لا» إنما عملت النصب لأنها نقيضة إنّ ؛ لأن «لا» للنفي ، و «إنّ» للإثبات ، وهم يحملون الشيء على ضده ، كما يحملونه على نظيره ، إلا أن «لا» لما كانت فرعا على «إنّ» في العمل ، و «إنّ» تنصب مع التنوين نصبت «لا» من غير تنوين ؛ لينحطّ الفرع عن درجة الأصل ؛ لأن الفروع أبدا تنحط عن درجات الأصول.
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : أسرار العربية للمؤلف (ص ٩٩) وشرح الأشموني بحاشية الصبان (٢ / ٦ بولاق) وتصريح الشيخ خالد الأزهري (١ / ٢٨٨ وما بعدها) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ١٢٩) وشرح رضي الدين على الكافية (١ / ٢٣٤).