١
مسألة
[الاختلاف في أصل اشتقاق الاسم] (١)
ذهب الكوفيون إلى أن الاسم مشتق من الوسم ـ وهو العلامة ـ وذهب البصريون إلى أنه مشتق من السّموّ ـ وهو العلوّ ـ.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن [٢] قالوا : إنما قلنا إنه مشتق من الوسم لأن الوسم في اللغة هو العلامة ، والاسم وسم على المسمّى ، فصار كالوسم عليه؟ فلهذا قلنا : إنه مشتق من الوسم ، ولذلك قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب : الاسم سمة توضع على الشيء يعرف بها. والأصل في اسم وسم ، إلا أنه حذفت منه الفاء التي هي الواو في وسم ، وزيدت الهمزة في أوله عوضا عن المحذوف ، ووزنه إعل ؛ لحذف الفاء منه.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه مشتق من السّموّ لأن السّموّ في اللغة هو العلوّ ، يقال : سما يسمو سموّا ، إذا علا ، ومنه سمّيت السماء سماء لعلوّها ، والاسم يعلو على المسمّى ، ويدل على ما تحته من المعنى ، ولذلك قال أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد : الاسم ما دلّ على مسمّى تحته ، وهذا القول كاف في الاشتقاق ، لا في التّحديد ، فلما سما الاسم على مسمّاه وعلا على ما تحته من معناه دلّ على أنه مشتق من السّموّ ، لا من الوسم.
ومنهم من تمسك بأن قال : إنما قلنا إنه مشتق من السّموّ وذلك لأن هذه الثلاثة الأقسام (٢) ـ التي هي الاسم والفعل والحرف ـ لها ثلاث مراتب ؛ فمنها ما
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : لسان العرب (س م و) وشرح موفق الدين بن يعيش على مفصل الزمخشري (ص ٢٦ ط أوربة) وكتاب «أسرار العربية» لصاحب الإنصاف (ص ٣ ليدن) وأوضح المسالك لابن هشام (شرح الشاهد رقم ٥ بتحقيقنا).
(٢) اقرأ كلمة «الثلاثة» بالنصب على أنها بدل من اسم الإشارة ، واقرأ كلمة «الأقسام» بالنصب أيضا على أنها بدل من الثلاثة ، ولا تضف الثلاثة إلى الأقسام كما كنت تضيف لو قلت «ثلاثة الأقسام» فإن إضافة اسم العدد المقترن بأل إلى المعدود المقترن بها أيضا مذهب كوفي يرى المحققون من النحاة أنه بمعزل عن السماع والقياس.