بسم الله الرّحمن الرّحيم
قال الشيخ الإمام ، العالم ، الزاهد ، كمال الدين عبد الرحمن بن أبي سعيد الأنباري وفّقه الله :
الحمد لله الملك الحق المبين ، والصلاة [والسّلام] على صفوته النبيّ العربي المبعوث بالدين المتين ، وعلى آله وأصحابه وعترته البررة المتقين.
وبعد ؛ فإن جماعة من الفقهاء المتأدّبين ، والأدباء المتفقّهين ، المشتغلين عليّ بعلم العربية ، بالمدرسة النّظامية ـ عمر الله مبانيها! ورحم الله بانيها! ـ سألوني أن ألخّص لهم كتابا لطيفا ، يشتمل على مشاهير المسائل الخلافية بين نحويّي البصرة والكوفة ، على ترتيب المسائل الخلافية بين الشافعي وأبي حنيفة ؛ ليكون أول كتاب (١) صنّف في علم العربية على هذا الترتيب ، وألّف على هذا الأسلوب ؛ لأنه ترتيب لم يصنّف عليه أحد من السّلف ، ولا ألف عليه أحد من الخلف. فتوخّيت (٢) إجابتهم على وفق مسألتهم ، وتحرّيت إسعافهم لتحقيق طلبتهم ؛ وفتحت في ذلك الطريق ، وذكرت من مذهب كل فريق ما اعتمد عليه أهل التحقيق ، واعتمدت في النصرة على ما أذهب إليه من مذهب أهل الكوفة أو البصرة على سبيل الإنصاف ، لا التّعصّب والإسراف ، مستجيرا بالله ، مستخيرا له فيما قصدت إليه ؛ فالله تعالى ينفع به ؛ إنه قريب مجيب.
__________________
(١) يذكر لنا التاريخ أن أبا جعفر النحاس المصري ، تلميذ الأخفش الصغير وأبي العباس المبرد والزجاج ، والمتوفى سنة ٣٣٨ (أي قبل مولد المؤلف بنحو ١٦٥ عاما) قد ألف كتابا في اختلاف البصريين والكوفيين ، وسماه «المبهج» ولعل المؤلف لم يطلع عليه ، ولم يسمع به.
(٢) توخيت : قصدت.